تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٠٤
حالكم واحدا واحدا كذلك، فهذه نعمة يختص كل واحد بجزء منها، ثم جاء قوله: (فلما تغشاها...) إلى آخر الآية، وصفا لحال الناس واحدا واحدا، أي: هكذا يفعلون، فإذا أتاهم الله ولدا صالحا سليما كما أرادوه، صرفوه عن الفطرة إلى الشرك، فهذا فعل المشركين.
قال ابن العربي في " أحكامه " وهذا القول هو الأشبه بالحق وأقرب للصدق، وهو ظاهر الآية، وعمومها الذي يشمل جميع متناولاتها، ويسلم فيها الأنبياء عن النقص الذي لا يليق بجهال البشر، فكيف بساداتهم، وأنبيائهم؟! انتهى، وهو كلام حسن، وبالله التوفيق.
وقرأ نافع، وعاصم، في رواية أبي بكر: " شركا " - بكسر الشين، وسكون الراء -، على المصدر، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم:
" شركاء " على الجمع، وهي بينة، على هذا التأويل الأخير، وقلقة على قول من قال: إن الآية الأولى في آدم وحواء، وفي مصحف أبي بن كعب: " فلما آتاهما صالحا أشركا فيه ".
وقوله: (أيشركون ما لا يخلق شيئا...) الآية: ذهب بعض من قال بالقول الأول إلى أن هذه الآية في آدم وحواء على ما تقدم، وفيه قلق وتعسف من التأويل / في المعنى وإنما تنسق هذه الآيات، ويروق نظمها، ويتناصر معناها على التأويل الأخير، فإنهم قالوا:
إن الآية في مشركي الكفار الذي يشركون الأصنام في العبادة، وإياها يراد في قوله: (ما لا يخلق)، وعبر عن الأصنام ب‍ (هم)، كأنها تعقل على اعتقاد الكفار فيها، وبحسب أسمائها، و (يخلقون): معناه: ينحتون ويصنعون، يعني: الأصنام، ويحتمل أن يكون المعنى، وهؤلاء المشركون يخلقون، أي: فكان حقهم أن يعبدوا خالقهم، لا من لا يخلق شيئا، وقرأ أبو عبد الرحمن: " عما تشركون " بالتاء من فوق " أتشركون ".
وقوله سبحانه: (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون)، من قال: إن الآيات في آدم عليه السلام، قال: هذه مخاطبة مستأنفة
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة