تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٠٧
فالعرف بمعنى المعروف.
وقوله عز وجل: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم)، هذه الآية وصية من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم تعم أمته رجلا رجلا، والنزغ: حركة فيها فساد وقلما تستعمل إلا في فعل الشيطان، لأن حركته مسرعة مفسدة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح، لا ينزغ الشيطان في يده "، فالمعنى في هذه الآية: فإما تلمن بك لمة من الشيطان، فاستعذ بالله، وعبارة البخاري: ينزغنك: يستخفنك. انتهى.
ونزغ الشيطان عام في الغضب، وتحسين المعاصي، واكتساب الغوائل، وغير ذلك وفي " جامع الترمذي " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن للملك لمة، وللشيطان لمة... " الحديث.
قال * ع *: عن هاتين اللمتين: هي الخواطر من الخير والشر، فالآخذ بالواجب يلقى لمة الملك بالامتثال والاستدامة، ولمة الشيطان بالرفض والاستعاذة، واستعاذ: معناه:
طلب أن يعاذ، وعاذ: معناه: لاذ، وانضوى، واستجار.
قال الفخر: قال ابن زيد: لما نزل قوله تعالى: (وأعرض عن الجاهلين) قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كيف يا رب، والغضب؟ فنزل قوله: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ) "، وقوله: (إنه سميع عليم) يدل على أن الاستعاذة لا تفيد إلا إذا حضر في القلب العلم بمعنى الاستعاذة، فكأنه تعالى قال: أذكر لفظ الاستعاذة بلسانك، فإني سميع، واستحضر معاني الاستعاذة بعقلك وقلبك، فإني عليم بما في ضميرك، وفي الحقيقة: القول اللساني دون المعارف العقلية، عديم الفائدة والأثر. انتهى.
وقوله سبحانه: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا...) الآية خرجت مخرج المدح للمتقين، والتقوى ههنا عامة في اتقاء / الشرك والمعاصي، وقرأ ابن
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة