تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٣٦
المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق.
فقال عمر: دعني يا رسول الله فأضرب عنقه فقال: إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، ونزلت فيه " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ".
أقول: وهذا المعنى مروي في عدة من الروايات عن نفر من الصحابة كأنس وجابر وعمر وابن عباس وجمع من التابعين كحسن وغيره.
والرواية من حيث متنها لا تخلو من بحث:
أما أولا: فلان ظاهرها بل صريحها أن حاطب بن أبي بلتعة كان يستحق بصنعه ما صنع القتل أو جزاء دون ذلك، وإنما صرف عنه ذلك كونه بدريا فالبدري لا يؤاخذ بما أتى به من معصية كما يصرح به قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمر في هذه الرواية: " إنه شهد بدرا " وفي رواية الحسن: إنهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر إنهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر إنهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر.
ويعارضه ما في قصة الإفك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما نزلت براءة عائشة حد مسطح بن أثاثة وكان من الآفكين، وكان مسطح بن أثاثة هذا من السابقين الأولين من المهاجرين وممن شهد بدرا كما في صحيحي البخاري ومسلم وحده النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما نطقت به الروايات الكثيرة الواردة في تفسير آيات الإفك.
وأما ثانيا: فلان ما يشتمل عليه من خطابه تعالى لأهل بدر " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " الدال على كون كل ما أتوا به من ذنب مغفورا لهم لا يتم بالبداهة إلا بارتفاع عامة التكاليف الدينية عنهم من واجب أو حرام أو مستحب أو مكروه، ولا معنى لتعلق التكليف المولوي بأمر مع إلغاء تبعة مخالفته وتسوية الفعل والترك بالنسبة إلى المكلف كما يدل عليه قوله: " اعملوا ما شئتم " على بداهة ظهوره في الإباحة العامة.
ولازم ذلك:
أولا: شمول المغفرة من المعاصي لما يحكم بداهة العقل على عدم شمول العفو له لولا التوبة كعبادة الأصنام والرد على الله ورسوله وتكذيب النبي والافتراء على الله ورسوله والاستهزاء
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست