تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٧
الله وهو جائز وواقع من الأنبياء ع وليسوا بمعصومين من الخطاء فيه وانما العصمة المتفق عليها خاصه بتبليغ الوحي ببيانه والعمل به فيستحيل على الرسول ان يكذب أو يخطئ فيما يبلغه عن ربه أو يخالفه بالعمل.
ومنه ما تقدم في سوره الأنفال من عتابه تعالى لرسوله ص في اخذ الفدية من أسارى بدر حيث قال ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة: الأنفال - 67 ثم بين انه كان مقتضيا لنزول عذاب اليم لولا كتاب من الله سبق فكان مانعا انتهى كلامه بنوع من التلخيص.
وليث شعري ما الذي زاد في كلامه على ما تفصى به الرازي وغيره حيث ذكروا ان ذلك من ترك الأولى ولا يسمونه ذنبا في عرف المتشرعين وهو الذي يستتبع عقابا وذكر هو انه من ترك الأصلح وسماه ذنبا لغة.
على انك قد عرفت فيما تقدم انه لم يكن ذنبا لا عرفا ولا لغة بدلاله ناصة من الآيات على أن عدم خروجهم كان هو الأصلح لحال جيش المسلمين لتخلصهم بذلك عن غائلة وقوع الفتنة واختلاف الكلمة وكانت هذه العلة بعينها موجوده لو لم يأذن لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهر منهم ما كانوا أبطنوه من الكفر والخلاف وان الذي ذكره الله بقوله ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عده ان عدم اعدادهم العدة كان يدل على عدم ارادتهم الخروج كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجل من أن يخفى عليه ذلك وهم بمرئى منه ومسمع.
مضافا إلى أنه ص كان يعرفهم في لحن القول كما قال تعالى ولتعرفنهم في لحن القول: سوره محمد - 30 وكيف يخفى على من سمع من أحدهم مثل قوله ائذن لي ولا تفتني أو يقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو اذن أو يلمزه في الصدقات ولا ينصح له صلى الله عليه وآله وسلم ان ذلك من طلائع النفاق يطلع منهم وما وراءه الا كفر وخلاف.
فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوسم منهم النفاق والخلاف ويعلم بما في نفوسهم ومع ذلك فعتابه ص بأنه لم لم يكف عن الاذن ولم يستعلم حالهم ولم يميزهم من غيرهم ليس الا عتابا غير جدي للغرض الذي ذكرناه.
واما قوله ان الاذن المعفو عنه قد استتبع فوت المصلحة المنصوصة في
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست