تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٦
ولازم ذلك أن يتألف كل سنة فيها حجة من ثلاثة عشر شهرا، وأن يتكرر اسم بعض الشهور مرتين أو أزيد كما يشعر به الرواية، ولذا ذكر الطبري أن العرب كانت تجعل السنة ثلاثة عشر شهرا، وفي رواية اثنى عشر شهرا وخمسة وعشرين يوما.
ولازم ذلك أيضا ان تتغير أسماء الشهور كلها، وأن لا يواطئ اسم الشهر نفس الشهر إلا في كل اثنتي عشرة سنة مرة إن كان التأخير على نظام محفوظ، وذلك على نحو الدوران.
ومثل هذا لا يقال له الانساء والتأخير فإن أخذ السنة ثلاثة عشر وتسمية آخرها ذا الحجة تغيير لأصل التركيب لا تأخير لبعض الشهور بحسب الحقيقة.
على أنه مخالف لسائر الاخبار والآثار المنقولة، ولا مأخذ لذلك إلا هذه الرواية وما ضاهاها كرواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كانت العرب يحلون عاما شهرا وعاما شهرين، ولا يصيبون الحج إلا في كل ستة وعشرين سنة مرة وهو النسئ الذي ذكر الله تعالى في كتابه فلما كان عام الحج الأكبر ثم حج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من العام المقبل فاستقبل الناس الأهلة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. وهو في الاضطراب كخبر مجاهد.
على أن الذي ذكره من حجة أبى بكر في ذي القعدة هو الذي ورد من طرق أهل السنة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل أبا بكر أميرا للحج عام تسع فحج بالناس، وقد ورد في بعض روايات أخر أيضا أن الحجة عامئذ كانت في ذي القعدة.
وهذه الحجة على أي نعت فرضت كانت بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإمضائه، ولا يأمر بشئ ولا يمضى أمرا إلا ما أمر به ربه تعالى، وحاشا ان يأمر الله سبحانه بحجة في شهر نسئ ثم يسميها زيادة في الكفر.
فالحق أن النسئ هو ما تقدم أنهم كانوا يتحرجون من توالى شهور ثلاثة محرمة فينسؤون حرمة المحرم إلى صفر ثم يعيدونها مكانها في العام المقبل.
وأما حجهم في كل شهر سنة أو في كل شهر سنتين أو في شهر سنة وفي شهر سنتين فلم يثبت عن مأخذ واضح يوثق به، وليس من البعيد ان تكون عرب الجاهلية مختلفين في ذلك لكونهم قبائل شتى وعشائر متفرقة كل متبع لهوى نفسه غير أن الحج كان عبادة ذات موسم لا يتخلفون عنه لحاجتها إلى أمن لنفوسهم وحرمة لدمائهم،
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست