تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٢
للتوسل بذلك إلى قتال فيه لا لتأخير الحج الذي هو عبادة دينية مختصة ببعضها.
وهذا كله يؤيد ما ذكروه: أن العرب كانت تحرم هذه الأشهر الحرم، وكان ذلك مما تمسكت به من ملة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وهم كانوا أصحاب غارات وحروب فربما كان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغزون فيها فكانوا يؤخرون تحريم المحرم، إلى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم فيمكثون بذلك زمانا ثم يعود التحريم إلى المحرم، ولا يفعلون ذلك أي إنساء حرمة المحرم إلى صفر إلا في ذي الحجة.
وأما ما ذكره بعضهم أن النسئ هو ما كانوا يؤخرون الحج من شهر إلى شهر فمها لا ينطبق على لفظ الآية البتة، وسيجئ تفصيل الكلام فيه في البحث الروائي الآتي إن شاء الله. ولنرجع إلى ما كنا فيه.
فقوله تعالى: (إنما النسئ زيادة في الكفر) أي تأخير الحرمة التي شرعها الله لهذه الأشهر الحرم من شهر منها إلى شهر غير حرام زيادة في الكفر لأنه تصرف في حكم الله المشروع وكفر بآياته بعد الكفر بالله من جهة الشرك فهو زيادة في الكفر.
وقوله: (يضل به الذين كفروا) أي ضلوا فيه باضلال غيرهم إياهم بذلك، وفي الكلام إشعار أو دلالة على أن هناك من يحكم بالنسئ، وقد ذكروا أن المتصدي لذلك كان بعض بنى كنانة، وسيجئ تفصيله في البحث الروائي إن شاء الله.
وقوله: (يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله) في موضع التفسير للانساء، والضمير للشهر الحرام المعلوم من سياق الكلام أي وهو انهم يحلون الشهر الحرام الذي نسؤوه بتأخير حرمته عاما ويحرمونه عاما، أي يحلونه عاما بتأخير حرمته إلى غيره، ويحرمونه عاما بإعادة حرمته إليه.
وإنما يعملون على هذه الشاكلة بالتأخير سنة والاثبات أخرى ليواطئوا ويوافقوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله في حال حفظهم أصل العدد أي انهم يريدون ح التحفظ على حرمة الأشهر الأربعة بعددها مع التغيير في محل الحرمة ليتمكنوا مما يريدونه من الحروب والغارات مع الاستنان بالحرمة.
وقوله: (زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدى القوم الكافرين) المزين هو الشيطان كما وقع في آيات من الكتاب، وربما نسب إلى الله سبحانه كما في آيات أخر،
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست