تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٨١
الله) لا على قوله: (يقول لصاحبه لا تحزن).
وربما استدل لذلك بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل على سكينة من ربه فانزال السكينة في هذا الظرف خاصة يكشف عن نزوله على صاحبه.
ويدفعه أولا قوله تعالى: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) في قصة حنين، والقول بأن نفسه الشريفة اضطربت بعض الاضطراب في وقعة حنين فناسب نزول السكينة بخلاف الحال في الغار. يدفعه أنه من الافتعال بغير علم فالآية لا تذكر منه صلى الله عليه وآله وسلم حزنا ولا اضطرابا ولا غير ذلك إلا ما تذكر من فرار المؤمنين.
على أنه يبطل أصل الاستدلال ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل على سكينة من ربه لا يتجدد له شئ منها فكيف جاز له أن يضطرب في حنين فتنزل عليه سكينة جديدة اللهم إلا أن يريدوا به أنه لم يزل في الغار كذلك.
ونظيرتها الآية الناطقة بنزول السكينة عليه صلى الله عليه وآله وسلم وعلى المؤمنين في سورة الفتح: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) الفتح: 26.
ويدفعه ثانيا: لزوم تفرع قوله: (وأيده بجنود لم تروها) على اثر تفرع قوله: (فأنزل الله سكينته عليه) لأنهما في سياق واحد، ولازمه عدم رجوع التأييد بالجنود إليه صلى الله عليه وآله وسلم أو التفكيك في السياق الواحد من غير مجوز يجوزه.
وربما التزم بعضهم - فرارا من شناعة لزوم التفكيك - أن الضمير في قوله تعالى: (وأيده) أيضا راجع إلى صاحبه، ولازمه كون إنزال السكينة والتأييد بالجنود عائدين إلى أبى بكر دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وربما أيده بعض آخر بأن الوقائع التي تذكر الآيات فيها نزول جنود لم يروها كوقعة حنين والأحزاب وكذا نزول الملائكة لوقعة بدر وان لم تذكر نزولهم على المؤمنين ولم تصرح بتأييدهم بهم لكنهم حيث كانوا انما نزلوا للنصر وفيه نصر المؤمنين وإمدادهم فلا مانع من القول بأن الجنود التي لم يروها إنما أيدت أبا بكر، وتأييدهم المؤمنين جميعا أو أبا بكر خاصة تأييد منهم في الحقيقة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والأولى على هذا البيان أن يجعل الفرع الثالث الذي هو قوله: (وجعل كلمة
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست