تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٤
معها وجوب الجهاد كالمرض والعمى والعرج ونحو ذلك فان المراد بالخفة والثقل أمر وراء ذلك.
قوله تعالى لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك إلى آخر الآية العرض ما يسرع إليه الزوال ويطلق على المال الدنيوي وهو المراد في الآية بقرينه السياق والمراد بقربه كونه قريبا من التناول والقاصد من القصد وهو التوسط في الامر والمراد بكون السفر قاصدا كونه غير بعيد المقصد سهلا على المسافر والشقة المسافة لما في قطعها من المشقة.
والآية كما يلوح من سياقها تعيير وذم للمنافقين المتخلفين عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجهاد في غزوه تبوك إذ الغزوة التي خرج فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتخلف عنه المنافقون وهى على بعد من المسافة هي غزوه تبوك لا غيرها.
ومعنى الآية لو كان ما امرتهم به ودعوتهم إليه عرضا قريب التناول وغنيمة حاضرة وسفرا قاصدا قريبا هينا لاتبعوك يا محمد وخرجوا معك طمعا في الغنيمة ولكن بعدت عليهم الشقة والمسافة فاستصعبوا السير وتثاقلوا فيه.
وسيحلفون بالله إذا رجعتم إليهم ولمتموهم على تخلفهم لو استطعنا الخروج لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم بما اخذوه من الطريقة من الخروج إلى القتال طمعا في عرض الدنيا إذا استيسروا القبض عليه والتخلف عنه إذا شق عليهم ثم الاعتذار بالعذر الكاذب على نبيهم والحلف في ذلك بالله كاذبين أو يهلكون أنفسهم بهذا الحلف الكاذب والله يعلم أنهم لكاذبون.
قوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين الجملة الأولى دعاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعفو نظير الدعاء على الانسان بالقتل في قوله قتل الانسان ما أكفره: عبس - 17 وقوله فقتل كيف قدر المدثر - 19 وقوله قاتلهم الله انى يؤفكون: التوبة - 30.
والجملة متعلقه بقوله لم أذنت لهم أي في التخلف والقعود ولما كان الاستفهام للانكار أو التوبيخ كان معناه كان ينبغي ان لا تأذن لهم في التخلف والقعود ويستقيم به تعلق الغاية التي يشتمل عليها قوله حتى يتبين لك الذين
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست