تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٨
الآية وهى تبين الذين صدقوا والعلم بالكاذبين ففيه ان الذي تشتمل عليه الآية من المصلحة هو تبين الذين صدقوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلمه هو بالكاذبين لا مطلق تبينهم ولا مطلق العلم بالكاذبين وقد ظهر مما تقدم انه ص لم يكن يخفى عليه ذلك وان حقيقة المصلحة انما كانت في الاذن وهى سد باب الفتنة و اختلاف الكلمة فإنه ص كان يعلم من حالهم انهم غير خارجين البتة سواء اذن لهم في القعود أم لم يأذن فبادر إلى الاذن حفظا على ظاهر الطاعة ووحده الكلمة. وليس لك ان تتصور انه لو بان نفاقهم يومئذ وظهر خلافهم بعدم اذن النبي لهم بالقعود لتخلص الناس من تفتينهم والقائهم الخلاف لما في الاسلام يومئذ وهو يوم خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوه تبوك من الشوكة والقوة وله ص من نفوذ الكلمة. فان الاسلام يومئذ انما كان يملك القوة والمهابة في أعين الناس من غير المسلمين كانوا يرتاعون شوكته ويعظمون سواد أهله ويخافون حد سيوفهم واما المسلمون في داخل مجتمعهم وبين أنفسهم فلم يخلصوا بعد من النفاق ومرض القلوب ولم يستول عليهم بعد وحده الكلمة وجد الهمه و العزيمة والدليل على ذلك نفس هذه الآيات وما يتلوها إلى آخر السورة تقريبا. وقد كانوا تظاهروا بمثل ذلك يوم أحد وقد هجم عليهم العدو في عقر دارهم فرجع ثلث الجيش الاسلامي من المعركة ولم يؤثر فيهم عظه ولا الحاح حتى قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم فكان ذلك أحد الأسباب العاملة في انهزام المسلمين. واما قوله ومن عتابه تعالى لرسوله ص في خطائه في اجتهاده ما تقدم في سوره الأنفال من عتابه في اخذ الفدية من أسارى بدر حيث قال ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض الآية. ففيه اولا انه من سوء الفهم فمن البين الذي لا يرتاب فيه ان الآية بلفظها لا تعاتب على اخذ الفدية من الاسرى وانما تعاتب على نفس اخذ الاسرى ما كان لنبي ان يكون له اسرى ولم تنزل آية ولا وردت رواية في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أمرهم بالأسر بل روايات القصة تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أمر بقتل بعض الاسرى خاف الناس ان يقتلهم عن آخرهم فكلموه والحوا عليه في اخذ الفدية منهم ليتقووا بذلك على
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست