تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٩
أعداء الدين وقد رد الله عليهم ذلك بقوله تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة. وهذا من أحسن الشواهد على أن العتاب في الآية متوجه إلى المؤمنين خاصه من غير أن يختص به النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو يشاركهم فيه وان أكثر ما ورد من الاخبار في هذا المعنى موضوعه أو مدسوسة. وثانيا ان العتاب في الآية لو اختص بالنبي ص أو شمله وغيره لم يكن من العتاب على ما ذكره على الذنب بمعناه اللغوي وهو تفويت المصلحة بوجه فان هذا العتاب مذيل بقوله تعالى في الآية التاليه لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم:
الأنفال - 68 فلا يرتاب ذو لب في أن التهديد بالعذاب العظيم لا يتأتى الا مع كون المهدد عليه من المعصية المصطلحة بل ومن كبائر المعاصي وهذا أيضا من الشواهد على أن العتاب في الآية متوجه إلى غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيان قوله تعالى لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر إلى آخر الآيتين تذكر الآيتان أحد ما يعرف به المنافق ويتميز به من المؤمن وهو الاستيذان في التخلف عن الجهاد في سبيل الله. وقد بين الله سبحانه ذلك بان الجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس من لوازم الايمان بالله واليوم الآخر بحقيقة الايمان لما يورثه هذا الايمان من صفه التقوى والمؤمن لما كان على تقوى من قبل الايمان بالله واليوم الآخر كان على بصيره من وجوب الجهاد في سبيل الله بماله ونفسه ولا يدعه ذلك أن يتثاقل عنه فيستأذن في القعود لكن المنافق لعدم الايمان بالله واليوم الآخر فقد صفه التقوى فارتاب قلبه ولا يزال يتردد في ريبه فيحب التطرف ويستأذن في التخلف والقعود عن الجهاد.
قوله تعالى ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عده إلى آخر الآية العدة الأهبة و الانبعاث على ما في المجمع الانطلاق بسرعة في الامر والتثبيط التوقيف عن الامر بالتزهيد فيه.
والآية معطوفة على ما تقدم من قوله والله يعلم أنهم لكاذبون بحسب المعنى أي هم كاذبون في دعواهم عدم استطاعتهم الخروج بل ما كانوا يريدونه ولو
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست