تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٩٥
التثاقل ويومى إليه ذما للناس كلهم كان ذما لأبي بكر كما هو ذم لغيره بعدم نصرتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو تثاقلهم في نصره ومع ذلك لا تسمح الآية بالدلالة على نصر أبى بكر له صلى الله عليه وآله وسلم بما فيها من قوله فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا بل لو دل لدل على نصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر حيث طيب قلبه وسلاه بقوله لا تحزن ان الله معنا.
على انك قد عرفت في البيان السابق ان الآية بمقتضى المقام لا تتعرض الا لنصر الله سبحانه وحده نبيه ص بعينه وشخصه قبال ما يفرض من عدم نصر كافه المؤمنين له وخذلانهم إياه فدلالة الآية على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الغار لم ينصره الا الله سبحانه وحده دلاله قطعيه.
وهذا المعنى في نفسه أدل شاهد على أن الضمائر في تتمه جمل الآية فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمه الذين كفروا السفلى وكلمه الله هي العليا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والجمل مسوقه لبيان قيامه تعالى وحده بنصره نصرا عزيزا غيبيا لا صنع فيه لاحد من الناس وهو انزال السكينة عليه وتأييده بجنود غائبه عن الابصار وجعل كلمه الذين كفروا السفلى واعلاء كلمه الحق والله عزيز حكيم.
واما غير نصره النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المناقب التي يمدح الانسان عليها فلو كان هناك شئ من ذلك لكان هو ما في قوله ثاني اثنين وما في قوله لصاحبه فلنسلم ان كون الانسان ثانيا لاثنين أحدهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكونه صاحبا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مذكورا في القرآن بالصحبة من المفاخر التي يتنفس لها لكنها من المناقب الاجتماعية التي تقدر لها في المجتمعات قيمة ونفاسة واما القرآن الكريم فللقيمة فيه ملاك آخر وللفضل والشرف في منطقه معنى آخر متكئ على حقيقة هي اعلى من المقاصد الوضعية الاجتماعية وهى كرامة العبودية ودرجات القرب والزلفى.
ومجرد الصحابة الجسمانية والدخول في العدد لا يدل على شئ من ذلك وقد تكرر في كلامه تعالى ان التسمي بمختلف الأسماء والتلبس بما يتنفس فيه عامه الناس ويستعظمه النظر الاجتماعي لا قيمه له عند الله سبحانه وان الحساب على ما في القلوب دون ما يتراءى من ظواهر الأعمال وتقدمه الأحساب والأنساب.
وقد أفصح عنه في مورد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وملازميه خاصه بأبلغ الافصاح
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست