تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
(ما) عام في كل شئ، فإذا علم فرق بما ومن.
ويمكن أن يقال: " ما تعبدون " سؤال عن صفة المعبود، كما تقول: ما زيد؟
تريد أفقيه أم طبيب أم غير ذلك من الصفات؟
قالوا نعبد إلهك وإله آبائك: وقرأ أبي بطرح (آبائك) وقرئ (أبيك) إما بالافراد وكون إبراهيم وحده عطف بيان له، أو بالجمع بالياء والنون.
إبراهيم وإسماعيل وإسحق: عطف بيان لآبائك. وعد إسماعيل من آبائه، لان العرب تسمي العم أبا كما تسمي الخالة أما، لانخراطهما في سلك واحد وهو الاخوة ووجوب تعظيمهما.
وفي الحديث: عم الرجل صنو أبيه (1)، أي لا تفاوت بينهما كما لا تفاوت بين صنوي النخلة.
إلها وحدا: بدل من " إله آبائك " كقوله: " بالناصية ناصية كاذبة " (2) أو على الاختصاص أي نريد بإله آبائك، إلها واحدا.
ونحن له مسلمون: حال من فاعل " نعبد " أو من مفعوله، لرجوع الهاء إليه في (له)، ويجوز أن يكون جملة معطوفة على " نعبد " وأن يكون جملة اعتراضية مؤكدة، إن جاز وقوع الاعتراض في الآخر كما هو مذهب البعض، أي ومن حالنا أنا له مسلمون مخلصون بالتوحيد، أو مذعنون.
وروى العياشي عن الباقر (عليه السلام) أنها جرت في القائم (عليه السلام) (3).
وقال بعضهم في توجيه الحديث: لعل مراده (عليه السلام) بكون الآية: أنها جارية في قائم آل محمد، فكل قائم منهم يقول حين موته ذلك لبنيه، ويجيبونه بما أجابوا به.

(١) رواه أئمة الصحاح والسنن عنه (صلى الله عليه وآله) في موارد عديدة، ومنها قوله (عليه السلام) (يا أيها الناس من آذى العباس فقد آذاني إنما عم الرجل صنو أبيه) مسند أحمد بن حنبل: ج ٤، ص ١٦٥.
(٢) سورة العلق: الآية ١٥ - ١٦.
(٣) تفسير العياشي: ج ١، ص 61، ح 102، ولفظ الحديث (عن جابر عن أبي جعفر قال: سألته عن تفسير هذه الآية من قول الله: " إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي " الآية قال: جرت في القائم (عليه السلام).
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست