تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٦٢
قال صاحب الكشاف: كرر الإشارة للدلالة على أن ما لحقهم كما هو بسبب الكفر والقتل، فهو بسبب ارتكاب المعاصي واعتدائهم حدود الله (1).
وفيه نظر، لأنه لو كان التكرير لذلك لكفى فيه أن يقول: وبما عصوا.
وقال: وعلى تقدير أن يكون ذلك إشارة إلى الكفر والقتل، يجوز أن يكون الباء بمعنى مع، أي ذلك الكفر والقتل مع ما عصوا (2)، والأحسن ما قررناه لرعاية اتساق الكلام، وإنما جوزت الإشارة بالمفرد إلى شيئين على تأويل ما ذكرنا وما تقدم للاختصار، ونظيره في الضمير قول رؤبة:
فيها خطوط من سواد وبلق * كأنه في الجلد توليع (3) البهق (4).
فإن قيل: كيف يجوز التخلية بين الكفار وقتل الأنبياء؟
أجيب بأنه إنما جاز ذلك لينال أنبياء الله سبحانه من رفيع المنازل والدرجات ما لا ينالونه بغير القتل.
قال الشيخ الطبرسي: وليس ذلك بخذلان لهم، كما أن التخلية بين المؤمنين والأولياء والمطيعين وبين قاتليهم ليس بخذلان لهم، هذا كلامه (5).
والأجود التفصيل بأنه ليس بخذلان بمعنى إنزال العذاب وسوء عاقبة الدار، و غير ذلك مما ينبئ عن خذلان الآخرة وحرمان المثوبة.

(١) الكشاف: ج ١، ص ١٤٦.
(٢) الكشاف: ج ١، ص ١٤٦.
(٣) رجل مولع: أبرص، وأنشد أيضا (كأنها في الجلد توليع البهق) والمولع: كالملمع إلا أن التوليع استطالة البلق، قال رؤبة: فيها خطوط الخ قال أبو عبيدة، قلت لرؤبة: إن كانت الخطوط فقل: كأنها، و إن كان سواد وبياض فقل: كأنهما. فقال: كأن ذا ويلك توليع البلق، لسان العرب: ج ٨، ص ٤١١، في لغة (ولع).
(٤) البهق بياض دون البرص، قال رؤبة: فيه خطوط إلى آخره. البهق: بياض يعتري الجسد بخلاف لونه ليس من البرص، لسان العرب: ج ١٠، ص 29. أقول: في مادة ولع: فيها خطوط، وهنا: فيه خطوط.
(5) مجمع البيان: ج 1 - 2 - ص 125.
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست