تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٦٠
حرف الهاء (ومهمه أطرافه في مهمه * أعمى الهدى بالجاهلين العمة) لرؤبة. في سورة البقرة عند قوله تعالى (يعمهون) العمة جمع عمه بكسر الميم، يقال رجل عمه وعامه، والعمى عام في البصر والرأي، والعمه في الرأي خاصة: وهو التحير والتردد بحيث لا يدرى أين يتوجه، وأرض عمهاء لا أعلام بها، وذهبت إبله العمهى إذا لم يدر أين ذهبت.
(كانت حنيفة أثلاثا فثلثهم * من العبيد وثلث من مواليها) هو لجرير. في سورة آل عمران عند قوله تعالى (فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) حيث ذكر من الآيات اثنان وطوى ذكر غيرها دلالة على تكاثر الآيات، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم " حبب إلى من دنياكم ثلاث: النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة " لم يعطف قرة عيني على المذكورات، لأن الكل ينبغي أن يكون من حظوظ الدنيا، وقرة العين في الصلاة ليست من الدنيا في شئ، كأنه لما ذكر الأولين فكر في نفسه وقال: مالي وللدنيا، فأعرض عن الثالثة وذكر شيئا من الدين. وحنيفة: اسم قبيلة. يقول: هذه القبيلة أثلاث: ثلث من العبيد، وثلث من الموالى، ولم يذكر الثلث الآخر.
(وشريت بردا ليتني * من بعد برد كنت هامه) في سورة النساء عند قوله تعالى (فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة) أي يبيعونها، فالذين يشترون الحياة الدنيا بالآخرة هم المبطئون وعظوا أن يغيروا ما بهم من النفاق ويخلصوا الإيمان بالله ورسوله ويجاهدوا في سبيل الله حق جهاده، والذين يبيعون هم المؤمنون الذين يستحبون الآجلة على العاجلة ويستبدلونها بها. والبيت لابن مفرغ بالغين المعجمة وكسر الراء، قاله حين باع غلامه بردا عند منصرفه من سجستان إلى البصرة وندم، وبعده:
يا هامة تدعو صمدي * بين المشقر فاليمامة والشراء وإن كان في عرف الفقهاء في البيع أشهر لكنه في الابتياع أظهر في استعمالات العرب، ولم يأت بشاهد للثاني. ويقالل أصبح فلان هامة: إذا مات، وهذا من حماستهم وتوهمهم أن عظام دماغ القتيل تصير هامة تزقو أدركوني إلى أن يؤخذ ثأره قال:
فإن تك هامة بهراة تزقو * فقد أزقيت بالمروين هاما والصدى: ذكر البوم، والمراد هامة تطير مع الهامات ولا يريد تذكيرا ولا تأنيثا:
(إني إذا ما القوم كانوا أنجيه * واضطرب القوم اضطراب الأرشيه وشد فوق بعضهم بالأرويه * هناك أوصيني ولا توصى بيه) في سورة يوسف عند قوله تعالى (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) حيث أفرد الحال وصاحبها جمع، فإن النجى على تفسيره بمعنى المناجى كالعشير والسمير بمعنى المعاشر والمسامر، ومنه قوله تعالى (وقربناه نجيا) أي مناجيا، وهذا في الاستعمال مفرد مطلقا، وبمعنى المصدر الذي هو التناجي كما قيل النجوى بمعناه، ومنه قيل
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 ... » »»
الفهرست