تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥١٠
وكان ذلك وحصل كقوله جزاني الخ. وقوله جزاه الله شر جزائه: دعاء عليه، وما أحسن ما قيل في عكس هذا المعنى قوله:
نعمة الله فيك لا أسأل الله * إليها نعمى سوى أن تدوما فلو أنى فعلت كنت كمن تسأله * وهو قائم أن يقوما وقوله أيضا: ماذا أقول وقولي فيك ذو قصر * وقد كفيتني التفصيلا والجملا إن قلت لا زلت مرفوعا فأنت كذا * أو قلت زانك ربى فهو قد فعلا وقد أحببنا أن يكون هذان البيتان حسن الختام لشواهد حرف اللام، والحمد لله على الدوام.
حرف الميم (فقلت إلى الطعام فقال منهم * فريق نحسد الإنس الطعاما) في سورة البقرة عند قوله تعالى (بسم الله الرحمن الرحيم) حيث يعلقون الباء بحروف تناسب المقام نحو أتل (بسم الله الرحمن الرحيم) وأدعوكم إلى الطعام، ومنه قوله تعالى في سورة النمل (في تسع آيات إلى فرعون وقومه) فحرف الجر فيه يتعلق بمحذوف، والمعنى: اذهب في تسع آيات إلى فرعون، وقول العرب في الدعاء للمعرس:
بالرفاء والبنين: أي أعرست أو نكحت. والشعر للفرزدق، وقيل لسمير بن الحرث الضبي يصف جماعة من الجن أتوا ناره ليلا، فسأل عنهم من أنتم؟ فقالوا: الجن، فحياهم بالظلام. وعموا ظلاما: كلمة تحية من وعم يعم معناه: طاب عيشكم في الظلام، وكذلك عموا صباحا، ثم دعاهم إلى الطعام وقال: أدعوكم إلى الطعام، فقال فريق منهم: نحن لا نأكل الطعام الذي تأكلونه ونحسد الإنس في أكلهم الطعام. قال ابن هشام في شرح الشواهد الكبرى: قائله جزع بن سنان على رواية من روى عموا صباحا، وأما على رواية من رواه عموا ظلاما فإنه ينسب إلى سمير بن الحرث الضبي، وكذا وقع في رواية الجوهري لأنه رواه عموا ظلاما. وقال أبو القاسم: إن الناس يغلطون في هذا الشعر فيروونه عموا صباحا، وجعل دليله على ذلك ما رواه عن ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي زيد ثم أنشد:
ونار قد حضأت بعيد وهن * بدار ما أريد بها مقاما سوى ترحيل راحلة وعين * أكاليها مخافة أن تناما أتوا ناري فقلت منون أنتم * فقالوا الجن قلت عموا ظلاما فقلت إلى الطعام فقال منهم * زعيم نحسد الإنس الطعاما لقد فضلتم في الأكل عنا * ولكن ذاك يعقبكم سقاما وقال ابن السيد: لقد صدق أبو القاسم فيما حكاه عن ابن دريد، ولكنه أخطأ في تخطئة رواية من روى عموا صباحا، لأن هذا الشعر الذي أنكره وقع في سد مأرب، ونسبه واضع الكتاب إلى جذع بن سنان الغساني في حكاية طويلة زعم أنها جرت له مع الجن، وكلا الشعرين أكذوبة من أكاذيب العرب لم تقع قط، فمنهم من
(٥١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 ... » »»
الفهرست