تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥١٢
فلما رآه علي رضي الله عنه استرجع وقال: إن كان لشابا صالحا ثم قعد كئيبا. فقوله على غير شئ متعلق بشككت: أي خرقت: يعنى بلا سبب من الأسباب، وغير أن: استثناء من شئ لعمومه بالنفي أو بدل والفتح للبناء. والرمح شاجر: أي طاعن، وقيل أي مختلف، فعلى الأول لو ذكرني حاميم قبل أن أطعنه بالرمح لسلم، وعلى الثاني قبل قيام الحرب وتردد الرماح، قيل إن حم من أسماء الله تعالى، وأن المعنى اللهم لا ينصرون، ثم إن القاتل لما غلب قرنه في المبارزة والتجأ هو إلى تلك الكلمة ما التفت إلى قوله وقتله وقال: هلا تلا حاميم قبل المبارزة والتقدم.
(إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم) عند قوله تعالى في سورة البقرة (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) حيث وسط حرف العطف بين النعوت. القرم: الفحل المكرم الذي لا يحمل عليه، ولذلك سمى السيد من الناس القرم، والهمام من أسماء الملوك لعظم همتهم، وقيل إنما سمى هماما لإنه إذا هم بأمر فعله. والكتيبة: الجيش، تقول كتبت الكتيبة: إذا هيأتها وضممت بعضها إلى بعض. وازدحم أهل المعركة: أي دفع بعضهم بعضا، والمزدحم: المعركة لأنها موضع المزاحمة والمدافعة.
(فذلك إن يهلك فحسني ثناؤه * وإن عاش لم يقعد ضعيفا مذمما) في سورة البقرة عند قوله تعالى (أولئك على هدى) حيث كان فيه إيذان بأن ما يرد عقيبه، فالمذكور من قبله أهل لاكتسابه من أجل الخصال التي عددت لهم، والمعنى: لحى الله (1) فقيرا مناه وهمه من الدهر أن يلبس لباسا ويطعم طعاما، فقد قيل: من كانت همته ما يدخل بطنه كانت قيمته ما يخرج منه. والشعر لحاتم وقبله:
ولله صعلوك يساور همه * ويمضى على الأحداث والدهر مقدما فتى طلبات لا يرى الخمص ترحة * ولا شبعة إن نالها عد مغنما إذا ما رأى يوما مكارم أعرضت * تيمم كبراهن ثمت صمما يرى رمحه أو نبله أو مجنه * وذا شطب عضب الضريبة مخذما وأحناه سرج قاتر ولجامه * عتاد أخي هيجا وطرقا مسوما ويغشى إذا ما كان يوم كريهة * صدور العوالي وهو مختضب دما إذا الحرب أبدت ناجذيها وشمرت * وولى هدان القوم أقدم معلما فذلك إن يهلك فحسى ثناؤه * وإن عاش لم يقعد ضعيفا مذمما (فلا وأبى الطير المربة بالضحى * على خالد لقد وقعت على لحم) هو للهذلي يرثى خالد بن زهير، في سورة البقرة عند قوله تعالى (على هدى) حيث نكرا ليفيد ضربا مهما لا يبلغ كنهه ولا يقادر قدره كأنه قيل: على هدى أي هدى، وتنكير لحم للتعظيم: أي لحم شريف عظيم، كان

(1) قوله (والمعنى لحى الله الخ) هذا تفسير لبيت لم يذكر هنا، ولعله سقط من قلم الناسخ وهو قول حاتم:
لحى الله صعلوكا مناه وهمه * من العيش أن يبقى لبوسا ومطعما فليعلم كتبه مصححه.
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»
الفهرست