تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٥٦
في سورة الفرقان عند قوله تعالى (وكانوا قوما بورا فقد كذبوكم) حكاية لاحتجاجه على العبدة بطريق تلوين الخطاب وصرفه عن المعبودين عند تمام جوابهم، وتوجيهه إلى العبدة مبالغة في تقريعهم وتبكيتهم على تقدير قول مرتب على الجواب: أي فقال الله تعالى عند ذلك: فقد كذبكم المعبودون أيها الكفرة في قولكم إنهم آلهة أو في قولكم هؤلاء أضلونا. وفى البيت التفات أو حذف القولل: أي فقولوا لهم قد جئنا خراسانا وآن لنا أن نتخلص.
وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الروم عند قوله تعالى (لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث) أي إن كنتم منكرين البعث فهذا يوم البعث فقد تبين بطلان قولكم.
(علام يعبدني قومي وقد كثرت * فيهم أباعر ما شاءوا وعيدان) في سورة الشعراء عند قوله تعالى (وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بني إسرائيل) يقال عبدت الرجل وأعبدته:
إذا اتخذته عبدا، والتعبيد: اتخاذ الناس عبيدا، والأباعر والأبعرة جميع بعير. والبعير من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس، يقال للجمل بعير وللناقة بعير، وحكى من بعض العرب: صرعتني بعيري: أي ناقتي. والعبد معروف وجمعه أعبد وعبيد وعباد وعبدان وعبدي يمد ويقصر ومعبوداء بالمد، وحكى الأخفش عبد مثل سقف وسقف، وأنشد:
أنسب العبد إلى آبائه * أسود الجلدة من قوم عبد وما شاءوا بدل البعض من الأباعر وهو تقدير معنى في المعطوف أيضا، يقول بطريق التهكم إنهم ليس بمحتاجين إلى أن يتخذوني عبدا لأن لهم أموالا كثيرة من الأباعر والعبيد فلم اتخذوني عبدا مع استغنائهم عن ذلك وفى ذلك إشارة إلى أنه إنما يصلح لأعبادهم الأباعر والعبدان لا نحن، ويجوز أن يكون المعنى: أنهم بطروا وتجبروا وطغوا بسبب كثرة أموالهم وظلموا على واتخذوني عبدا فنكر ذلك الفعل عليهم في تلك الحال وهى كثرة الأموال، لأن تلك الحال حملتهم على تعبيدهم إياه فكأنه قال: لأن كثرت أموالهم. ثم اعلم أن عبدت فيه أوجه: أحدها أنها في محل رفع عطف بيان لتلك. والثاني أنها في محل نصب مفعولا من أجله. الثالث أنها بدل من نعمة. الرابع أنها بدل من الهاء في تمنها. الخامس أنها مجرورة بياء مقدرة: أي بأن عبدت. السادس أنها خبر مبتدأ مضمر أي هي.
السابع أنها منصوبة بإضمار أعنى والجملة في تمنها صفة لنعمة.
(سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا * فكيف لو قد سعى عمرو عقالين لأصبح الناس أوبادا ولم يجدوا * عند التفرق في الهيجا جمالين) في سورة الشعراء عند قوله تعالى (رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين) حيث ذكر بلفظ التثنية والمرجوع إليه مجموع السماوات والأرض. وحاصل هذه المسألة أنه يجوز تثنية الجمع على تأويل الجماعتين.
والسبد: الشئ القليل، يقال سبد ولا لبد: أي قليل ولا كثير. قال الأصمعي: السبد من الشعر واللبد من الصوف. والعقال: صدقة العام، وانتصابه على الظرف. وأوبادا جمع وبد: أي هلكى، والوبد بالتحريك:
شدة العيش وسوء الحال، وهو مصدر يوصف به فيقال رجل وبد: أي سئ الحال يستوى فيه الواحد والجمع كقولك عدل، ثم يجمع فيقال أو باد كما يقال عدول على توهم النعت الصحيح. يقول: صار عمرو ساعيا: أي عاملا للزكاة في سنة واحدة فظلم وأخذ أموالنا حتى لم يبق لنا شئ قليل من المال فكيف يكون حالنا، أو كيف
(٥٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 ... » »»
الفهرست