التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٨٢
به من شأن الأمم قبلهم؟ قيل: كان الكثير منهم مقرا بذلك فإنه دعي بهذه الآية إلى النظر والتدبر ليعرف بذلك ما عرفه غيره.
قوله تعالى:
ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين (7) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لو نزل على نبيه كتابا يعني صحيفة مكتوبة في قرطاس حتى يلمسوه بأيديهم ويدركوه بحواسهم، لأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وآله ان يأتيهم بكتاب يقرؤونه من الله إلى فلان بن فلان أن آمن بمحمد، وانه لو أجابهم إلى ذلك لما آمنوا، ونسبوه إلى السحر لعظم عنادهم وقساوة قلوبهم وعزمهم على أن لا يؤمنون على كل حال. وعرفه أن التماسهم هذه الآيات ضرب من العنت ومتى فعلوا ذلك أصطلمهم واستأصلهم، وليس تقتضي المصلحة ذلك، لما علم في بقائهم من مصلحة للمؤمنين، وعلمه بمن يخرج من أصلابهم من المؤمنين وأن فيهم من يؤمن فيما بعد، فلا يجوز اخترام من هذه صفته - عند أبي علي والبلخي.
وقوله " ان هذا الا سحر مبين " معناه ليس هذا الا سحر مبين. واحتج أبو علي بهذه الآية على أنه متى كان في معلوم الله تعالى انه لو آتاهم الآيات التي طلبوها لامنوا عندها وجب ان يفعلها بهم، قال: ولولا ذلك كذلك لم يحتج على العباد في منعه إياهم الآيات التي طلبوها أي إنما منعتهم إياها لأنهم كانوا لا يؤمنون، ولو آتاهم إياها لكانوا يقولون انها سحر مبين. وبهذا تبين بطلان قول من قال اللطف ليس بواجب، وانه يجوز ان يمنعهم الله ما طلبوا وان كانوا يؤمنون لو آتاهم ذلك ويكفرون لو منعهم إياه.
قوله تعالى:
وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست