التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٨٧
كل الأشياء بهذا اللفظ القليل الحروف، وهذا من أفصح ما يكون من الكلام.
وقال النابغة:
فإنك كالليل الذي هو مدركي * وان خلت ان المنتأى عنك واسع (1) فجعل الليل مدركا إذ كان مشتملا عليه.
وفي هذه الآية وفي التي قبلها إحتجاج على الكفار الذين عبدوا من دون الله تعالى، فقال تعالى: " قل لمن ما في السماوات والأرض "؟ وكانوا لا يشركون بالله في خلق السماوات والأرض وما بينهما أحدا وإنما كانوا يشركون في العبادة، ويقولون: آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى، لا أنها تخلق شيئا، ثم قال: " قل لله " فإنهم لا ينكرون ذلك، وهو كقوله " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله " (2) فذكرهم ما هم به مقرون ليتنبهوا ويشهدوا بالحق ويتركوا ما هم عليه، ومعنى " خسروا أنفسهم " أهلكوها باستحقاق المصير إلى العذاب الأليم الدائم، الذي لا ينتفعون معه بنفوسهم إذ كانوا لا يؤمنون.
ومن أهلك نفسه فقد خسرها. وإنما قال " وله ما سكن في الليل والنهار " لان في الحيوان ما يسكن في الليل، وفيه ما يسكن بالنهار وخص السكون بالذكر، لان الساكن أكثر من المتحرك، ولان الآية العجيبة في قيام الساكن بلا عمد أعظم.
قوله تعالى:
قل أغير الله أتخذ ولى فطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل أني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين (14) آية بلا خلاف.
أجمع القراء على ضم الياء وفتح العين من قوله " ولا يطعم " وقرئ في الشواذ

(1) سمط اللآلي: 570 (2) سورة 43 الزخرف آية 87.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست