التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٦٠
نعته وصفته، ولأنه مكتوب في التوراة (أتانا الله من سينا وأشرف من ساعير، واستعلن من جبال فاران) وفيها سأقيم لهم نبيا من إخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيقول لهم كلما أوصيه به) وفيها، (وأما ابن الأمة فقد باركت عليه جدا جدا وسيلد اثني عشر عظيما وأؤخره لامه عظيمة).
وفي الإنجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها (يعطيكم فارقليط آخر يكون معكم آخر الدهر كله) وفيها أنه (إذا جاء فند أهل العلم) وفيها (أنه يدبركم بجميع الخلق، ويخبركم بالأمور المزمعة ويمدحني ويشهد لي).
وقوله تعالى " يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر " صفة للنبي صلى الله عليه وآله الأمي، وهو في موضع الحال، وتقديره آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وسمي الحق (معروفا) والباطل (منكرا) لان الحق يعرف صحته العقل إذ الاعتماد في المعرفة على الصحة، وينكر الباطل بمعنى ينكر صحته.
وقوله " ويحل لهم الطيبات " معناه يبيح لهم المستلذات الحسنة التي كانت حراما عليهم، ويحرم عليهم الخبائث يعني القبائح، وما يعافي الأنفس.
وقوله " ويضع عنهم إصرهم " يعني الثقل بأمور محرمة وفي تكليفها مشقة، كتحريم العروق والغدد وتحريم السبت، وكانت كالأغلال في أعناقهم، كما يقولون هذا طوق في عنقك. وقيل: ما امتحن به بنو إسرائيل من قبل نفوسهم، وقرض ما يصيبه البول من أجسادهم والتزام للمكاره في كل شئ يخالفون الله فيه.
وقوله " فالذين آمنوا به " يعني صدقوا بهذا النبي " وعزروه " يعني عظموه بمنعهم كل من أراد كيده، وأصله المنع، ومنه تعزير الجاني وهو منعه بتأديبه من العود، وقال قوم: عزرته معناه رددته، وقال آخرون: معناه أعنته. وقال بعضهم معناه نصرته. وقال آخرون: منعته ونصرته.
وقوله " واتبعوا النور الذي أنزل معه " يعني القرآن سماه نورا لأنه يهتدى به كما يهتدى بالنور. وأخبر عنهم بأن من فعل ما قلناه فأولئك هم المفلحون الفائزون بثواب ربهم
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560
الفهرست