التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٥٧
معناه تبصره بدلالة المحنة ليثبت صاحبها على الهداية من تشاء.
وقوله " أنت ولينا ". معناه أنت ناصرنا وأولى بنا " فاغفر لنا " سؤال منه المغفرة له ولقومه. وقوله " وارحمنا وأنت خير الغافرين " إخبار من موسى بأن الله خير الساترين على عباده والمتجاوزين لهم عن جرمهم.
قوله تعالى:
واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون (155) آية بلا خلاف.
هذا تمام الاخبار عما قال موسى وقومه الذين كانوا معه، وأنهم سألوا الله تعالى المغفرة وأن يكتب لهم في هذه الدنيا حسنة وهي النعمة، وإنما سميت النعمة حسنة وإن كانت الحسنة اسم الطاعة لله لامرين:
أحدهما أن النعمة تتقبلها النفس كما يتقبل العقل الحسنة التي هي الطاعة.
والاخر - أن النعمة ثمرة الطاعة لله عز وجل، وإنما سألوا أن يكتب لهم، ولم يسألوا أن يجعل لهم، لان ما كتب من النعمة أثبت لا سيما إذا كانت الكتابة خبرا بدوام النعمة، ويقال كتب له الرزق في الديوان، فيدل على ثبوته على مرور الأزمان. " وفي الآخرة " معناه واكتب لنا في الآخرة أيضا النعمة التي هي الثواب " إنا هدنا إليك " قال ابن عباس معناه تبنا إليك، وبه قال سعيد بن جبير وإبراهيم وقتادة ومجاهد. وأصله الرجوع من هاد يهود، فهو هايد إذا رجع، فمعناه رجعنا بتوبتنا إليك، والتهويد الترفق في السير والتفريج والتمكث. وقال أبو وجرة: - هدنا - بكسر الهاء من هاد يهيد، وهو شاذ، وثوب مهود أي مرقع ذكره الجبائي، وليس اليهود
(٥٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 » »»
الفهرست