التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٥٨
مشتقا منه، بل إنما قيل يهودي، لأنه نسب إلى يهوذا، لكن العرب غيرته في النسب.
وقوله " قال عذابي أصيب به من أشاء " حكاية عما أجابهم الله به من أن عذابه يصيب به من يشاؤه ممن استحقه بعصيانه. وقيل: إنما علقه بالمشيئة ولم يعلقه بالمعصية لامرين:
أحدهما - الاشعار بأن وقوعه بالمشيئة له، دون المعصية.
الثاني - انه لا يشأ ذلك إلا على المعصية، فأيهما ذكر دل على الاخر وعندنا أنه علقه بالمشيئة، لأنه كان يجوز الغفران عقلا بلا توبة.
وقوله " ورحمتي وسعت كل شئ " معناه إني أقدر أن أنعم على كل شئ يصح الانعام عليه، وقيل: المعنى إنها تسع كل شئ إن دخلوها، فلو دخل الجميع فيها لو سمعتهم الا أن فيهم من يمتنع منها بالضلال بأن لا يدخل معه فيها، وقال ابن عباس: وهي خاصة في المؤمنين، وقال الحسن وقتادة هي عامة للبر والفاجر - في الدنيا - خاصة. وفي الآخرة للبر.
وقوله " فسأكتبها للذين يتقون " معناه إن الرحمة في الآخرة مكتوبة للذين يتقون معاصيه ويحذرون عقابه " ويؤتون الزكاة " قيل في معناه - ههنا - قولان:
أحدهما - يخرجون زكاة أموالهم، فذكره، لأنه من أشق فرائضهم.
الثاني - يطيعون الله ورسوله في قول ابن عباس والحسن ذهبا إلى ما يزكي النفس ويطهرها من الاعمال، والذين هم بآياتنا يؤمنون يعني أكتبها للذين يصدقون بآيات الله وحججه وبيناته، وليس إذا كتب الرحمة للذين يتقون منع أن يغفر للعصاة والفساق بلا توبة، لان الذي تفيده الآية القطع على وصول الرحمة إلى المتقين، والفساق ليس ذلك بمقطوع لهم وإن كان مجوزا.
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 » »»
الفهرست