التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٨٣
ملكا لقضي الامر ثم لا ينظرون (8) ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون (9).
آيتان بلا خلاف.
اخبر الله تعالى في هذه الآية عن هؤلاء الكفار أنهم قالوا (لولا) ومعناه:
هلا " أنزل عليه " يعنون على محمد " ملك " يشاهدونه فيصدقه. ثم أخبر عن عظم عنادهم انه لو أنزل عليهم الملك على ما اقترحوه لما آمنوا به، واقتضت الحكمة استئصالهم وألا ينظرهم ولا يمهلهم. وذلك بخلاف ما علم الله تعالى من المصلحة على ما بيناه.
ومعنى " لقضى الامر " أي أتم إهلاكهم وقضي على ضروب كلها ترجع إلى معنى تمام الشئ وانقطاعه في قول الزجاج. فمنه " قضى أجلا وأجل مسمى عنده " (1) معناه ثم ختم بذلك وأتمه، ومنه الامر كقوله " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (2) الا أنه أمر قاطع ومنه الاعلام نحو قوله " وقضينا إلى بني إسرائيل " (3) أي أعلمناهم إعلاما قاطعا. ومنه الفصل في الحكم نحو قوله " ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم " (4) أي لفصل الحكم بينهم. ومنه قولهم قضى القاضي. ومن ذلك قضى فلان دينه، أي قطع ما لغريمه عليه وأداه إليه وقطع ما بينه وبينه وكلما أحكم فقد قضي، تقول قضيت هذا الثوب وهذه الدار، أي عملتها وأحكمت عملها، قال أبو ذؤيب وعليهما مسرودتان قضاهما * داود أو صنع السوابغ تبع (5) وقال مجاهد معنى " وقالوا لولا أنزل عليه ملك " يريدون في صورته.
قال الله تعالى " ولو أنزلنا ملكا " في صورته " لقضي الامر " أي لقامت الساعة أو

(1) سورة 6 الانعام آية 2 (2) سورة 17 الاسرى آية 23 (3) سورة 17 الاسرى آية 4 (4) سورة 42 الشورى آية 14 (5) مر تخريجه في 1 / 429.
(٨٣)
مفاتيح البحث: اللبس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست