التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٨١
خطاب المواجه. ومعنى " من قرن " من أمة. قال الحسن: القرن عشرون سنة. وقال إبراهيم: أربعون سنة. وقال أبو ميسرة: هو عشر سنين. وحكى الزجاج والفراء: أنه ثمانون سنة وقال قوم: هو سبعون سنة. وقال الزجاج:
عندي القرن هو أهل كل مدة كان فيها نبي أو كان فيها طبقة من أهل العلم، قلت السنون أو كثرت، فيسمى ذلك قرنا، بدلالة قوله (ع): (خيركم قرني) يعني أصحابي (ثم الذين يلونهم) يعني التابعين (ثم الذين يلونهم) يعني تابعي التابعين. قال: وجائز أن يكون القرن جملة الأمة، وهؤلاء قرن فيها.
واشتقاق القرن من الاقتران. وكل طبقة مقترنين في وقت قرن، والذين يأتوا بعدهم ذووا اقتران: قرن آخر.
وقوله " مكناهم في الأرض " معناه جعلناهم ملوكا وأغنياء تقول مكنتك، ومكنت لك واحد.
وقوله " وأرسلنا عليهم السماء مدرارا " معناه أرسلنا عليهم مطرا كثيرا من السماء يقول القائل أصابتنا هذه السماء، وما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم، يعنون المطر. وقوله " مدرارا " يعني غزيرا دائما كثيرا. وهو قول ابن عباس وأبي روق. و (مفعال) من ألفاظ المبالغة، يقال ديمة مدرارا إذا كان مطرها غزيرا حادا، كقولهم امرأة مذكار: إذا كانت كثيرة الولادة للذكور، ومئناث في الإناث. ومفعال لا يؤنث، يقال: امرأة معطار ومئناث ومذكار، بغير هاء.
بين الله تعالى أن هؤلاء الذين آتاهم الله هذه المنافع وأجرى من تحتهم الأنهار، ووسع عليهم، ومكنهم في الأرض، لما كفروا بنعم الله وارتكبوا معاصيه أهلكهم الله بذنوبهم، وانه أنشأ قوما آخرين بعدهم. يقال: أنشأ فلان يفعل كذا أي ابتدأ فيه.
وموضع (كم) نصب ب‍ (أهلكنا)، لان لفظ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، فلذلك لا يجوز أن يكون منصوبا ب‍ (يروا).
فان قيل: كيف قال: " أولم يروا) والقوم كانوا غير مقرين بما أخبروا
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست