التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٧٨
في آجالهم، لا يمنع منه مانع، وإنما منع من التسمية لما قلناه.
وقوله: " ثم أنتم تمترون " خطاب للكفار الذين يشكون في البعث والنشور. احتج الله بهذه الآية على الذين عدلوا به غيره، فأعلمهم انه خلقهم من طين، ونقلهم من حال إلى حال، وقضى عليهم الموت، فهم يشاهدون ذلك، ويقرون بأنه لا محيص منه. ثم عجبهم من امترائهم أي من شكهم في أنه الواحد القهار على ما يشاء، وفي أنه لم يعبث بخلقهم وابقائهم وإماتتهم بعد ذلك، وأنه لابد من جزاء المسيئ والمحسن، ومثله قوله: " يا أيها الناس ان كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم " (1) ان الذي قدر على ذلك قادر على أن يبعثكم بعد أن تكونوا ترابا.
وقوله " وأجل مسمى عنده " رفع على الابتداء وتم الكلام عند قوله:
" ثم قضى أجلا ".
قوله تعالى:
وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3) آية إجماعا.
قوله " وهو الله في السماوات وفي الأرض " يحتمل معنيين:
أحدهما - قال الزجاج والبلخي، وغيرهما: انه المعبود في السماوات والأرض، والمتفرد بالتدبير في السماوات وفي الأرض، لان حلوله فيهما أو شئ منهما لا يجوز عليه. ولا يجوز أن تقول هو زيد في البيت، والدار، وأنت تريد أنه يدبرهما الا أن يكون في الكلام ما يدل على أن المراد به التدبير كقول القائل: فلان الخليفة في الشرق والغرب، لان المعنى في ذلك أنه المدبر فيهما.

(1) سورة 22 الحج آية 5.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست