التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٧٦
والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (1) آية في الكوفي والبصري، وآيتان في المدنيين، قوله " والنور " آخر آية أخبر الله تعالى في هذه الآية أن المستحق للحمد من خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور أي خلقهما لما اشتملا عليه من عجائب الخلق ومتقن الصنع. ثم عجب ممن جعل له شركاء مع ما تري في السماوات والأرض من الدلالة على أنه الواحد الذي لا شريك له، وقد بينا فيما تقدم وجه دلالة ذلك على أنه واحد ليس باثنين. وقوله " بربهم يعدلون " أي يجعلون له مثلا يستحق العبادة مأخوذ من قولك: لا أعدل بفلان أحدا، أي لا نظير له عندي ولا أحد يستحق ما يستحقه. قال الكسائي: يقال عدلت الشئ بالشئ أعدله عدولا إذا ساويته، وعدل في الحكم يعدل عدلا. وقال الحسن ومجاهد:
معنى يعدلون يشركون.
وإنما ابتدأ تعالى هذه السورة بالحمد احتجاجا على مشركي العرب، وعلى من كذب بالبعث والنشور فابتدأ، فقال " الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض " فذكر أعظم الأشياء المخلوقة، لان السماء بغير عمد ترونها، والأرض غير مائدة بنا. ثم ذكر الظلمات والنور، وذكر الليل والنهار، وهما مما به قوام الخلق. فأعلم الله تعالى أن هذه خلق له، وأن خالقها لا شئ مثله.
وروي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: ان الانعام نزلت جملة، وشيعها سبعون الف ملك حين أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فعظموها، وبجلوها، فان اسم الله تعالى فيها في سبعين موضعا. ولو يعلم الناس ما في قراءتها من الفضل ما تركوها.
قوله تعالى:
هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست