التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٧٧
ثم أنتم تمترون (2) آية بلا خلاف.
معنى قوله " هو الذي خلقكم " أي أنشأكم، واخترعكم " من طين " ومعناه خلق أباكم - الذي هو آدم وأنتم من ذريته، وهو بمنزلة الأصل لنا - من طين، فلما كان أصلنا من الطين جاز ان يقول " خلقكم من طين ".
وقوله " ثم قضى " معناه حكم بذلك. والقضاء يكون حكما، ويكون أمرا ويكون الاتمام والاكمال.
وقوله " أجلا وأجل مسمى عنده " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال أبو علي: كتب للمرء أجلا في الدنيا، وحكم بأنه أجل لنا، وهو الأجل الذي يحيى فيه أهل الدنيا إلى أن يموتوا، وهو أوقات حياتهم، لان أجل الحياة، هو وقت الحياة، وأجل الموت هو وقت الموت " وأجل مسمى عنده " يعني آجالكم في الآخرة، وذلك أجل دائم ممدود لا آخر له، وإنما قال له " مسمى عنده "، لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ، في السماء وهو الموضع الذي لا يملك فيه الحكم على الخلق سواه.
وقال الزجاج: أحد الأجلين أجل الحياة، وهو الوقت الذي تحدث فيه الحياة، ويحيون فيه " وأجل مسمى عنده " يعني أمر الساعة والبعث. وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك. وقال بعضهم:
" قضى أجلا " يعني أجل من مضى من الخلق " وأجل مسمى عنده " أجل الباقين والذي نقوله: " ان الأجل هو الوقت الذي تحدث فيه الحياة أو الموت ولا يجوز أن يكون المقدر أجلا، كما لا يجوز أن يكون ملكا، فان سمي - ما يعلم الله تعالى أنه لو لم يقتل فيه لعاش إليه - أجلا، كان ذلك مجازا، لان الحي لا يعيش إليه. ولا يمتنع أن يعلم الله من حال المقتول أنه لو لم يقتله القاتل لعاش إلى وقت آخر. وكذلك ما روي: أن الصدقة وصلة الرحم تزيد في الأجل، وما روي في قصة قوم يونس وأن الله صرف عنهم العذاب، وزاد
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست