التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٤
وقوله " واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم " قال الزجاج: يحتمل أشياء:
أحدها - اذكروا نعمة الله عليكم إذ كثر عددكم.
وثانيها - انه كثركم بالغنى بعد الفقر.
وثالثها - كثركم بالقدرة بعد الضعف، ووجهه أنهم كانوا فقراء وضعفاء، فهم بمنزلة القليل في قلة الغناء.
وقوله " فانظروا كيف كان عاقبة المفسدين " معناه فكروا فيما مضى من إهلاك من تقدم بأنواع العذاب وانزال العقوبات بهم واستئصال شأفتهم وما فعل الله بالمفسدين، وكيف كان عاقبتهم في ذلك وما حل - بهم من البوار.
قوله تعالى:
وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين (86) آية بلا خلاف.
الطائفة الجماعة من الناس، وهو من الطوف صفة غالبة أقيمت مقام الموصوف مأخوذة من أنها تجتمع على الطواف، وقد يكون جماعة الكتب والدور ونحو ذلك.
وقوله " وطائفة لم يؤمنوا " إنما جاز أن يخبر عمن لم يؤمن بأنهم طائفة وإن كانوا هم الأكثر لتقابل قوله " طائفة منكم آمنوا " ولان من حق الضد أن يأتي على حد ضده، كما تقول: ضربت زيدا وما ضربت زيدا، وإنما ذكر طائفة، لأنه راجع إلى الرجال، وإن كان اللفظ مؤنثا فغلب فيه المعنى في هذا الموضع ليدل على معنى التذكير، والمعنى إن شعيبا قال لقومه:
وإن انقسمتم قسمين، ففرقة آمنت وفرقة كفرت، فاصبروا حتى يحكم الله بيننا، على وجه التهديد لهم والانكا؟؟ لي من خالف منهم، والصبر حبس النفس عما تنازع إليه من الجزع وأصله الحبس، ومنه قوله (ع): (اقتلوا
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»
الفهرست