التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٣
أحدهما - قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد: إنهم كانوا يقعدون على طريق من قصد شعيبا للايمان به فيخوفونه بالقتل. وقال أبو هريرة: إنما نهاهم عن قطع الطريق.
وقوله " بكل صراط توعدون " يجوز فيه تعاقب حروف الإضافة بأن يقول: على كل صراط، وفي كل صراط، لان معاني هذه الحروف اجتمعت فيه - ههنا - كما تقول: قعد له بكل مكان، وعلى كل مكان، وفى كل مكان، لان الباء للالصاق وهو قد لاصق المكان، و (على) للاستعلاء، وهو قد علا المكان، و (في) للمحل وهو قد حل المكان. ويقال: قعد عن الامر بمعنى ترك العمل به كائنا ما كان، وقام به إذا عمل به كالقعود عن الواجب ونحوه. ومعنى الايعاد الاخبار بالعذاب على صفة من الصفات، وهو الوعيد والتهديد، فإذا ذكر المتعلق من الخير أو الشر قلت: وعدته كذا، كما قال تعالى " النار وعدها الله الذين كفروا " (1) وإذا لم يذكر قيل في الخير وعدته، وفى الشر أوعدته. وتقول: وعدته خيرا بلا باء وأوعدته بالشر باثبات الباء.
وقوله " وتصدون عن سبيل الله " فالصد هو الصرف عن الفعل بالاغواء فيه، كما يصد الشيطان عن ذكر الله وعن الصلاة. تقول: صده عن الامر يصده صدا، وهو كالمنع.
وقوله " من آمن به " (من) في موضع نصب، لأنه مفعول به، وتقديره وتصدون المؤمنين بالله عن اتباع دينه، وهو سبيل الله.
وقوله " وتبغونها عوجا فالهاء راجعة إلى السبيل، ومعنى " تبغون " تطلبون، والبغية الطلبة: بغاه يبغيه بغية. والمعنى - ههنا - وتبغون السبيل عوجا عن الحق، وهو أن يقولوا: هذا كذب وباطل وما أشبه ذلك، وهو قول قتادة. والعوج - بكسر العين - في الدين وكل ما لا يرى - وبفتح العين - في العود وكل ما يرى كالحائط وغيره.

(1) سورة 22 الحج آية 72.
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»
الفهرست