التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٢
قتادة والسدي: البخس الظلم، ومنه المثل (تحسبها حمقاء وهي باخسة).
وقوله " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها " يعني بعد أن أصلحها الله بالأمر والنهي وبعثة الأنبياء وتعريف الخلق مصالحهم. والافساد اخراج الشئ إلى حد لا ينتفع به بدلا عن حال ينتفع بها، وضده الاصلاح، والمعنى لا تخرجوا إلى العمل في الأرض بالقبائح بعد أن أصلحها الله بالمحاسن.
وقوله " ذلكم " إشارة لقومه إلى ما أمرهم به ونهاهم عنه بأن امتثاله والانتهاء إليه خير لهم وأعود عليهم إن كانوا مؤمنين مصدقين بالله، وإنما علق خيريته بالايمان وإن كان هو خيرا على كل حال من حيث أن من لا يكون مؤمنا بالله، وعارفا بنبيه لم يمكنه أن يعلم أن ذلك خير له، وكأنه قال لهم:
كونوا مؤمنين لتعلموا أن ذلك خير لكم. ويحتمل أن يكون المراد لا ينفعكم ايفاء الكيل والميزان إلا بعد أن تكوا مؤمنين. قال الفراء: لم يكن لشعيب آية على النبوة. قال الزجاج وغيره: هذا غلط، لأنه قال " قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا " فجاء بالفاء جوابا للجزاء، فكيف يقول " قد جاءتكم بينة " ولم يكن له آية على النبوة، فإن كان مع النبوة آية فقد جاءهم بها لأنه لو ادعى النبوة من غير آية لم يقبل منه. وآيات شعيب وإن لم يذكرها الله في القرآن لا يجب أن يقال: لا آية له، لان نبينا صلى الله عليه وآله لم يذكر الله آياته كلها في القرآن ولا أكثرها وإن كانت له آيات كثيرة، ولم يوجب ذلك نفيها.
قوله تعالى:
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين (85) آية بلا خلاف.
قيل في معنى قوله " ولا تقعدوا " بكل صراط توعدون قولان:
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»
الفهرست