التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٩
ألا أبلغ بني عصم رسولا * فأني عن فتاحتكم غني (2) أي قضائكم وحكمكم، وقال الجبائي: معنى " افتح بيننا وبين قومنا " انزل بهم ما يستحقون من العقوبة لكفرهم بالله وظلمهم المؤمنين.
وفي الآية دلالة على بطلان مذهب المجبرة، لأنه قال " وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله " فعلم أن لهم الرجوع فيها إذا شاء الله، فإذا لم يشأ لم يكن ذلك، فيجب على هذا إن كان الله يريد الكفر أن يكون للكافر الرجوع في الكفر، وهذا لا يقوله أحد، فبطل ما قالوه. على أن الظاهر من معنى الملة هو ما يعلم بالشرع، وذلك يجوز أن ينسخه الله فيريد منهم الرجوع فيه، وليس لاحد أن يقول إن قوله " بعد إذ نجانا الله منها " لا يليق بما قلتم وإنما يليق بما قالوه، وذلك أن قوله " بعد إذ نجانا الله منها " معناه على هذا القول أزاله عنا ونسخه عنا، فان شاء أن يعيدنا ثانيا جاز لنا الرجوع فيها.
قوله تعالى:
وقال الملا الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون (89) آية بلا خلاف.
في هذه الآية حكاية ما قالت الجماعة الكافرة الجاحدة بآيات الله ولنبوة شعيب للباقين منهم وأقسموا عليهم " لئن اتبعتم شعيبا " وانقدتم له ورجعتم إلى أمره ونهيه لان الاتباع هو طلب الثاني موافقة الأول فيما دعا إليه تقول:
اتبعه اتباعا وتبعه تبعا، وهو متبع وتابع " إنكم إذا لخاسرون " وقوله " إنكم " جواب القسم واللام في (لخاسرون) لام التأكيد في خبر (إن) و (الخسران) ذهاب رأس المال، فكأنهم قالوا: لئن تبعتموه كنتم بمنزلة من ذهب رأس ماله أو أعظم من ماله، لأنكم لا تنتفعون باتباعه فتخسرون في اشتغالكم بما لا تنتفعون به وبانقضاء عمركم إذ لم تكسبوا فيه نفعا

(2) تفسير الطبري 12 / 564 وقد مر في 1 / 315، 345.
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست