التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٥٣
في هذه الآية إخبار من الله تعالى عما فعل المستكبرون من قوم صالح وأنهم عقروا الناقة التي هي آية الله في الأرض، والعقر الجرح الذي يأتي على أصل النفس، وهو من عقر الحوض وهو أصله، قال الشاعر:
بإزاء الحوض أو عقره (1) ومنه العقار، لأنه اعتقار أصل مال، لان ثبوته كثبوت الأصل. ومنه العاقر، لأنها قد حدث ما عقر الحال التي يجئ منها الولد فأبطل الأصل، والمعاقرة على الشراب منه، لأنه كالأصل في الثبوت على تلك الحال.
وقوله " وعتوا عن أمر ربهم " أي تجاوزوا الحد في الفساد. وقيل:
العتو الغلو في الباطل - في قول مجاهد - ومنه جبار عات، والعاتي في الكبر ومنه " وقد بلغت من الكبر عتيا " (2) أي بلغت حال العاتي كبرا، والعتو عن الامر هو المخالفة إلا أن في العتو مخالفة على وجه التهاون به والاستكبار عن قبوله.
وقوله " يا صالح ائتنا " إن وصلته همزته، وان ابتدأته لم تهمز بل تقول: (إيتنا) وإنما كان كذلك، لان أصله (إئتنا) بهمزتين، فكره ذلك فقلبوا الثانية ياء على ما قبلها، فإذا وصل سقطت ألف الوصل وظهرت همزة الأصل.
وقوله " بما تعدنا " فالوعد الخبر بخير أو شر بقرينة في الشر.
وقوله " إئتنا بما تعدنا " أي من الشر، لأنا قد علمنا ما توعدتنا عليه فأت الان بالعذاب الذي خوفتنا منه، ومتى تجرد عن قرينة، فهو بالخير أحق للفصل بين الوعد والوعيد.
قوله تعالى:
فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (77) فتولى

(1) اللسان (عقر) وتمامه:
فرماها في فرائصها * بإزاء الحوض أو عقره (2) سورة 19 مريم آية 7.
(٤٥٣)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»
الفهرست