التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٤٢
لنظنك من الكاذبين (65) آية بلا خلاف.
في هذه الآية إخبار عما قالت الجماعة الكافرة من قوم هود له " انا لنراك في سفاهة " والسفاهة خفة الحلم، كما قال الشاعر:
مبذرا وعاتب سيعى... (1) أي سفيه، وثوب سفيه إذا كان خفيفا (وقال) المؤرج: السفاهة الجنون بلغة حمير، وقوله " في سفاهة " معناه منغمس في السفاهة، فالسفاهة بمعنى أنت سفيه، أقيم المصدر مقام اسم الفاعل، ولا يجوز قياسا على ذلك أن يقال في إرادة بمعنى مريد، وكسرت (إن) لأنها وقعت بعد القول حكاية، والحكاية تقتضي استئناف المحكي و (إن) إذا شددت عملت، ولا تعمل إذا خففت، لأنها مشددة تشبه (كان) فلما خففت قل الشبه الا ان يحمل على كان محذوفة، وليس قوة حملها عليها تامة كقوة حملها محذوفة، وحذفت الهمزة في مضارع رأيت دون ماضيه، لاجتماع ثلاثة أشياء:
الزيادة في أوله، وكثرة الاستعمال لها، ولان فيما بقي دليل عليها، ولم يلزم في نأيت تنأى مثل ذلك.
وقوله " وإنا لنضنك " ولم يقولوا نعلمك لامرين: أحدهما - قال الحسن: لان تكذيبهم كان على الظن دون اليقين. وقال الرماني: معناه انك تجري مجرى من أخبر عن غائب لا يعلم ممن هو منهم. الثاني - انهم أرادوا بالظن العلم كما قال الشاعر:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج * سراتهم في الفارسي المشدد (2) معناه أيقنوا. وفائدة الآية أن أمة هود جرت على طريقة أمة نوح في الكفر بنبيها كأنهم قد تواصوا بالتكذيب بالحق ومعاندة أهله والرد لما أوتوا به

(1) هكذا في الأصل والكلامات غير منقطة، فلم اعرف له وجها (2) مر هذا البيت في 1 / 205 و 2 / 296.
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»
الفهرست