التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٧٥
عليهم في الحجة.
الثاني - أن يكون (لعل) بمعنى اللام وتقديره ليضرعوا. واصل " يضرعون " يتضرعون فأدغمت التاء في الضاد ولا يدغم الضاد في التاء، لان في التاء استطالة، وإنما يدغم الناقص في الزائد، ولا يدغم الزائد في الناقص لما في ذلك من الاخلال.
قوله تعالى:
ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون (94) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى في هذه الآية انه بدل مكان السيئة الحسنة " وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء " ومعناه انه تعالى بعد ان يفعل بهم البأساء والضراء ليتضرعوا يبدل مكان السيئة الحسنة. والتبديل وضع أحد الشيئين مكان الاخر، فلما رفعت السيئة عنهم ووضعت الحسنة كانت مبدلة بها.
وقال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد: المراد بالسيئة والحسنة - ههنا - الشدة والرخاء وهو ما يسوء صاحبه أو يحسن اثره عليه. وقال أبو علي:
جرى في هذا الموضع على سبيل المثل.
وقوله " حتى عفوا " قال ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد:
معناه حتى كثروا. وقال الحسن حتى سمنوا، وأصله الترك من قوله " فمن عفي له من أخيه شئ " (1) أي ترك له، وعفوا تركوا حتى كثروا، قال الشاعر:
ولكنا نعض السيف منها * بأسوق عافيات الشحم كوم (2) وقوله " وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء " معناه ان الكفار قال

(1) سورة 2 البقرة آية 178 (2) مر تخريجه في 2 / 214.
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»
الفهرست