مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٠٣
في بحث الجاري والحق أن بعد تسليم عموم انفعال القليل واعتبار التساوي في الكر إخراج هذا الفرد من الحكم بمجرد هذين الوجهين صعب جدا نعم لو لم يسلم أحد عموم انفعال القليل أو اعتبار المساواة لكان هذان الوجهان مما يصلحان لتأييد حكمه بعدم انفعال هذا الفرق فتأمل (ولا ينجس إلا بتغير لونه أو ريحه أو طعمه بالنجاسة) لا خلاف بين علماء الاسلام في عدم انفعال الكثير بالملاقاة كما صرح به في المنتهى ويدل عليه أيضا الروايات الكثيرة المستفيضة المتقدمة في بحث نجاسة القليل وأما ما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث والاستبصار في باب مقدار الماء الذي لا ينجسه شئ في الموثق عن أبي بصير قال سألته عن كر من ماء مررت به وأنا في سفر قد بال فيه حمار أو بغل أو إنسان قال لا يتوضأ منه ولا يشرب منه فمحمول على الكراهة أو التغير جمعا بين الاخبار وكذا الاخلاف في نجاسته بالتغير بالنجاسة ويدل عليه أيضا الروايات المتقدمة في هذا البحث وأما حسنة الحلبي المتقدمة في أوايل بحث الماء المتضمنة لجواز الطهارة من الماء الآجن فمحمولة على ما كان تغيره بنفسه أو بمخالطة الأجسام الطاهرة جمعا بين الاخبار واعلم إن الروايات المتقدمة خالية عن التعرض للون سوى رواية العلاء بن الفضيل فإنها بمفهومها تدل على نجاسته بتغير اللون لكنها ضعيفة بمحمد بن سنان ونقلوا رواية عن الجمهور أيضا متضمنة لذكر اللون ولا يصلح أيضا للتعويل وذكر بعضهم إن تغير الريح والطعم أسرع من تغير اللون أو لا ينفك تغير اللون عن تغيرهما فلا ثمرة في التعرض له ووجهه غير ظاهر وقد يستنبط اعتبار اللون من قوله (عليه السلام في صحيحة حريز المتقدمة فإذا تغير الماء وتغير الطعم وفيه أيضا إشكال وقد يتمسك فيه بما قاله ابن أبي عقيل إنه قد تواتر عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه إن الماء طاهر لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه والظاهر أن انضمام هذه الأمور بعضها مع بعض مع اعتضادها بالاجماع يكفي في الحكم وأيضا يشكل أن يستنبط من تلك الروايات إن تغير الطعم وحده موجب للنجاسة لان في بعض نسخ التهذيب في صحيحة أبي خالد المتقدمة قد تغير ريحه أو طعمه وفي النسخة المعتمدة وطعمه ويؤيدها آخر الحديث والتعويل أيضا على الاجماع ثم إن ظاهر العبارة حيث قال بالنجاسة يدل على أنه إذا كان التغير بالمتنجس كما إذا تغير طعم الماء أو لونه مثلا بالدبس النجس لا يوجب التنجس وقد صرح به العلامة في المنتهى لكن ظاهر المبسوط نجاسة به أيضا ويحتمله أيضا كلام المعتبر والظاهر الأول لأصالة الطهارة واستصحابها والروايات المذكورة مختصة بالنجاسة فالتعدي إلى غيرها محتاج إلى دليل وليس وسيجئ تتمة لهذا في بحث المضاف إنشاء الله تعالى وقد صرحوا أيضا بأنه إذا كان التغير بمجرد مرور الرايحة مثلا لا بوقوع النجاسة فيه فلا يصير سببا للتنجس وهو جيد للأصل وعد ظهور الروايات في خلافه (تغير محققا لا مقدرا) هذه العبارة تشتمل صورتين أحديهما إذا كان الماء كاينا على حاله الأصلي وتكون النجاسة مسلوبة الصفات وتكون بحيث إذا لم تكن مسلوبة الصفات لغيرت الماء فحينئذ مختار المصنف في هذا الكتاب وأخويه عدم العبرة بالتقدير وذهب العلامة في جملة من كتبه إلى اعتبار التقدير والأول أظهر لأنه جعل في الروايات مناط النجاسة التغير والغلبة وهما غير موجودين واعتبار التقدير محتاج إلى دليل والأصل معنا واحتج العلامة بأن التغير الذي هو مناط النجاسة داير مع الأوصاف فإذا فقدت وجب تقديرها وضعفه ظاهر واحتج عليه أيضا فخر المحققين (ره) بأن الماء مقهور بالنجاسة لأنه كلما لم يصر الماء مقهورا لم يتغير بها على تقدير المخالفة وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كلما تغير على تقدير المخالفة كان مقهورا والكلية الأولى ممنوعة وهو ظاهر واحتج المحقق الشيخ على (ره) بأن المضاف المسلوب الأوصاف إذا وقع في الماء وجب اعتباره أما بقلة الاجزاء وكثرتها أو بتقديره مخالفا في الأوصاف على اختلاف القولين وإذا وجب الاعتبار في الجملة في المضاف فللنجاسة أولى وفيه أنه قياس لا نعمل به إذ الأولوية ممنوعة وبأن عدم وجوب التقدير يفضي إلى جواز الاستعمال وإن زادت النجاسة على الماء أضعافا وهو كالمعلوم البطلان وفيه أنه لو كان ضرورة أو دليل في هذه الصورة فيكون خارجة بالدليل ويكون ما عداها باقيا في الحكم وإن لم يكن فنظر الحكم فيها أيضا وكان الواقع الأول لان بعض الأصحاب ادعى الاجماع على النجاسة إذا استهلكت النجاسة الماء هذا والاحتياط في التقدير في بعض الأوقات وعلى تقدير التقدير هل يعتبر أوصاف النجاسة على الوجه الأشد أو الأضعف أو الأوسط الكل محتمل وجعل المحقق الشيخ على الظاهر الأخير وقال بعد ذلك وهل يعتبر أوصاف الماء وسطا نظرا إلى شدة اختلافها كالعذوبة والملوحة والرقة والغلظة والصفار والكدورة فيه احتمال ولا يبعد اعتبارها لان له أثرا بينا في قبول التغير وعدمه انتهى وثانيتهما ما إذا كان الماء غير كائن على أوصافه الأصلية كالمياه الزاجية والكبريتية وتكون النجاسة على صفاتها الأصلية ولم تغيره لكن يكون بحيث إذا لم يكن الماء على هذه الصفة لغيرته وظاهر الكتاب على إطلاقه يدل على عدم التقدير حينئذ أيضا وهو الظاهر بالنظر إلى ما ذكرنا آنفا ولم نجد في كلام الأصحاب نصا على خلافه ويمكن إجراء الوجوه المذكورة في الصورة الأولى ها هنا أيضا والجواب الجواب والعبارة المنقولة آنفا عن المحقق الثاني (ره) يمكن أن يكون مراده منها اعتبار أوصاف الماء في هذه الصورة ويمكن أن يكون المراد اعتبار الأوصاف في الصورة الأولى عند اعتبار أوصاف النجاسة وعلى أي وجه لا وجه له كما لا يخفى ثم اعلم إن ما ذكرنا في الصورة الثانية إنما هو إذا لم تغير النجاسة أوصاف الماء في الواقع بسبب وصفه العارضي وأما إذا غيرته في الواقع ولم يظهر للحس بسبب وصفه العارضي كما إذا كان الماء أحمر ثم وقع فيه دم فقد
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336