بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ١٧٩
هيبته: كان عظيما مهيبا في النفوس حتى ارتاعت رسل كسرى، مع أنه كان بالتواضع موصوفا، وكان محبوبا في القلوب حتى لا يقليه (1) مصاحب، ولا يتباعد عنه مقارب، قال السدي في قوله: " سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب (2) ": لما ارتحل أبو سفيان و المشركون يوم أحد متوجهين إلى مكة قالوا: ما صنعنا قتلناهم حتى لم يبق منهم إلا الشريد (3) تركناهم، إذ هموا وقالوا: ارجعوا فاستأصلوهم، فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا.
وروي أن الكفار دخلوا مكة كالمنهزمين مخافة أن يكون له الكرة عليهم، وقال صلى الله عليه وآله: نصرت بالرعب مسيرة شهر.
قوله تعالى: " وكف أيدي الناس عنكم (4) " وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله لما قصد خيبر وحاصر أهلها همت قبائل من أسد وغطفان أن يغيروا (5) على أهل المدينة، فكف الله عنهم بإلقاء الرعب في قلوبهم.
قوله تعالى: " هو الذي أيدك بنصره (6) " وقال صلى الله عليه وآله: لم نخل في ظفر (7) إما في ابتداء الامر وإنما في انتهائه، وكان جميل بن معمر الفهري حفيظا لما يسمع، ويقول:
إن في جوفي لقلبين أعقل بكل (8) واحد منهما أفضل من عقل محمد، فكانت قريش تسميه ذا القلبين، فتلقاه أبو سفيان يوم بدر وهو آخذ بيده إحدى نعليه، والأخرى في رجله، فقال له: يا با معمر ما الخبر؟ قال: انهزموا، قال: فما حال نعليك؟ قال: ما شعرت إلا أنها في رجلي لهيبة محمد، فنزل: " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه (9) ".

(١) أي لا يبغضه.
(٢) آل عمران: ١٥١.
(٣) الشريد: الطريد.
(٤) الفتح: ٢٠.
(٥) أغار عليهم: هجم وأوقع بهم.
(٦) الأنفال: ٦٢.
(٧) من ظفر ظ.
(٨) في المصدر: لكل واحد.
(٩) الأحزاب: ٤.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402