بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٣٩
رهنا بكل الدين ولا استحالة في ذلك لان الرهن حبس وليس يمتنع أن يكون العبد الواحد محبوسا بكل الدين فلم يكن هذا رهن الشائع فجاز وليس لأحدهما أن يأخذ نصيبه من العبد إذا قضى ما عليه من الدين لان كله مرهون بكل الدين فما بقي شئ من الدين بقي استحقاق الحبس وكذلك إذا رهن رجل رجلين بدين لهما عليه وهما شريكان فيه أولا شركة بينهما جاز وإذا قضى الراهن دين أحدهما لم يكن له أن يقبض شيئا من الرهن لأنه رهن كل العبد بدين كل واحد منهما وكل العبد يصلح رهنا بدين كل واحد منهما على الكمال كأن ليس معه غيره لما ذكرنا وهذا بخلاف الهبة من رجلين على أصل أبي حنيفة عليه الرحمة انها غير جائزة لان الهبة تمليك وتمليك شئ واحد من اثنين من كل واحد منهما على الكمال محال والعاقل لا يقصد بتصرفه المحال فاما الرهن فحبس ولا استحالة في كون الشئ الواحد محبوسا بكل واحد من الدينين فهو الفرق بين الفصلين غير أنه وإن كان محبوسا بكل واحد من الدينين لكنه لا يكون مضمونا الا بحصته حتى لو هلك تنقسم قيمته على الدينين فيسقط من كل واحد منهما بقدره لان المرتهن عند هلاك الرهن يصير مستوفيا الدين من مالية الرهن وانه لا يفي لاستيفاء الدينين وليس أحدهما بأولى من الآخر فيقسم عليهما فيسقط من كل واحد منهما بقدره وعلى هذا يخرج حبس المبيع بان اشترى رجلان من رجل شيئا فأدى أحدهما حصته من الثمن لم يكن له أن يقبض شيئا من المبيع وكان للبائع أن يحبس كله حتى يستوفى ما على الاخر لان كل المبيع محبوس بكل الثمن فما بقي جزء من الثمن بقي استحقاق حبس كل المبيع ولو رهن بيتا بعينه من دار أو رهن طائفة معينة من دار جاز لانعدام الشيوع وعلى هذا الأصل تخرج زيادة الدين على الرهن انها لا يجوز عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وجملة الكلام في الزيادات انها أنواع أربعة زيادة الرهن وهي نماؤه كالولد واللبن والثمر والصوف وكل ما هو متولد من الرهن أو في حكم المتولد منه بأن كان بدل جزء فائت أو بدل ما هو في حكم الجزء كالأرش والعقر وزيادة الرهن على أصل الرهن كما إذا رهن بالدين جارية ثم زاد عبدا أو غير ذلك رهنا بذلك الدين وزيادة الرهن على نماء الرهن كما إذا رهن بالدين جارية فولدت ولدا ثم ماتت الجارية ثم زاد هنا على الولد وزيادة الدين على الرهن كما إذا رهن عبدا بألف ثم إن الراهن استقرض من المرتهن ألفا أخرى على أن يكون العبد رهنا بالأول والزيادة جميعا (اما) زيادة الرهن فمرهونة عندنا على معنى انه يثبت حكم الأصل فيها وهو استحقاق الحبس على طريق اللزوم وعند الشافعي رحمه الله ليست بمرهونة أصلا والمسألة تأتى في بيان حكم الرهن إن شاء الله تعالى (أما) زيادة الرهن فجائزة استحسانا والقياس ان لا يجوز وهو قول زفر رحمه الله وهو على اختلاف الزيادة في الثمن والمثمن وقد مرت المسألة في كتاب البيوع (واما) زيادة الرهن على نماء الرهن بعد هلاك الأصل فهي موقوفة ان بقي الولد إلى وقت الفكاك جازت الزيادة وان هلك لم تجز لأنها إذا هلكت تبين انها حصلت بعد سقوط الدين وقيام الدين شرط صحة الزيادة (واما) زيادة الدين على الرهن فهي على الاختلاف الذي ذكرنا انه لا يجوز عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف جائزة (وجه) قوله إن الدين في باب الرهن كالثمن في باب البيع بدليل انه لا يصح الرهن الا بالدين كمالا يصح البيع الا بالثمن ثم هناك جازت الزيادة في الثمن والمثمن جميعا فكذا هنا تجوز الزيادة في الرهن والدين جميعا والجامع أبين البابين ان الزيادة عندنا تلتحق بأصل العقد كان العقد ورد علين الأصل والزيادة جميعا فيصير كأنه رهن بالدين عبدين ابتداء وذا جائز كذا هذا (وجه) قولهما ان هذا الزيادة لو صحت لا وجبت الشيوع في الرهن وانه يمنع صحة الرهن ودلالة ذلك أنها لو صحت لصار بعض العبد بمقابلتها فلا يخلو (اما) أن يصير ذلك البعض بمقابلة الزيادة مع بقائه مشغولا بالأول (أما) أن يفرغ من الأول ويصير مشغولا بالزيادة لا سبيل إلى الأول لان المشغول بشئ لا يحتمل الشغل بغيره ولا سبيل إلى الثاني لأنه رهن بعض العبد بالدين وهذا رهن المشاع فلا يجوز كما إذا رهن عبدا واحدا بدينين مختلفين لكل واحد منهما بعضه بخلاف زيادة الرهن على أصل الرهن لان الزيادة هناك لا تؤدى إلى شيوع الرهن بل إلى شيوع الدين لان قبل الزيادة كان العبد بمقابلة كل الدين وبعد الزيادة صار كله بمقابلة بعض الدين والعبد والزيادة بمقابلة البعض الآخر فيرجع
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283