بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٦٥
بأن أوجب وهن الحائط أو لم يضربه عند أبي حنيفة رحمه الله وعند هما له ذلك أن يضر بالعلو ولو أراد صاحب السفل أن يحفر في سفله بئرا أو بالوعة أو سردابا فله ذلك من غير رضا صاحب العلو اجماعا وكذا ايقاد النار للطبخ أو للخبز وصب الماء للغسل أو للوضوء بالاتفاق وعلى هذا الاختلاف لو أراد صاحب العلوان يحدث على علوه بناء أو يضع جدو عالم يكن قبل ذلك أو يشرع فيه بابا أو كنيفا لم يكن قبله ليس له ذلك عن أبي حنيفة سواء أضر بالسفل أولا وعندهما له أن يفعل ذلك ما لم يضر بالسفل وله ايقاد النار وصب الماء للوضوء والغسل اجماعا منهم من قال لا خلاف بينهم في الحقيقة وقولهما تفسير قول أبي حنيفة رحمه الله ومنهم من حقق الخلاف (وجه) قولهما أن صاحب السفل يتصرف في ملك نفسه فلا يمنع الا لحق الغير وحق الغير لا يمنع من التصرف لعينه بل لما يتضرر به صاحب الحق ألا ترى أن الانسان لا يمنع من الاستظلال بجدار غيره ومن الاصطلاء بنار غيره لانعدام تضرر المالك والخلاف هنا في تصرف لا يضر بصاحب العلو فلا يمنع عنه ولأبي حنيفة رحمه الله أن حرمة التصرف في ملك الغير وحقه لا يقف على الضرر بل هو حرام سواء تضرر به أم لا ألا ترى ان نقل المرآة والمبحار من دار المالك إلى موضع آخر حرام وإن كان لا يتضرر به المالك والدليل عليه ان يباح التصرف في ملك الغير وحقه برضاه ولو كانت الحرمة لما يلحقه من الضرر لما أبيح لان الضرر لا ينعدم برضا المالك وصاحب الحق دل أن التصرف في ملك الغير وحقه حرام أضر بالمالك أولا وهنا حق لصاحب العلو متعلق بالسفل فيحرم التصرف فيه الا باذنه ورضاه بخلاف ما ضربنا من المثال وهو الاستظلال بجدار غيره والاصطلاء بنار غيره لان ذلك ليس تصرفا في ملك الغير وحقه إذ لا أثر لذلك متصل بملك الغير وحقه وهنا بخلافه وعلى هذا إذا كان مسيل ماء في قناة فأراد صاحب القناة أن يجعله ميزابا أو كان ميزابا فأراد أن يجعله قناة ليس له ذلك وكذلك لو أراد أن يجعل ميزابا أطول من ميزابه أو أعرض أو أراد أن يسيل ماء سطح آخر في ذلك الميزاب لم يكن له ذلك لان صاحب الحق لا يملك التصرف زيادة على حقه وكذلك لو أراد أهل الدار أن يبنوا حائطا ليسدوا مسيله أو أراد وأن ينقلوا الميزاب عن موضعه أو يرفعوه أو يسفلوه لم يكن لهم ذلك لان ذلك تصرف في حق الغير بالابطال والتغيير فلا يجوز من غير رضا صاحب الحق ولو بنى أصل الدار لتسييل ميزابه على ظهره فلهم ذلك لان مقصود صاحب الميزاب حاصل في الحالين دار لرجل فيها طريق فأراد أهل الدار أن يبنوا في ساحة الدار ما يقطع طريقه ليس لهم ذلك لان فيه ابطال حق المرور وينبغي أن يتركوا في ساحة الدار عرض باب الدار لان عرض الطريق مقدر بعرض باب الدار ولو أراد رجل أن يشرع إلى الطريق جناحا أو ميزابا فنقول هذا في الأصل لا يخلو من أحد وجهين اما إن كانت السكة نافذة واما إن كانت غير نافذة فإن كانت نافذة فإنه ينظر إن كان ذلك مما يضر بالمارين فلا يحل له أن يفعل ذلك في دينه لقوله عليه الصلاة والسلام لا ضرر ولا اضرار في الاسلام ولو فعل ذلك فلكل واحد أن يقلع عليه ذلك وإن كان ذلك مما لا يضر بالمارين حل له الانتفاع به ما لم يتقدم إليه أحد بالرفع والنقض فإذا تقدم إليه واحد من عرض الناس لا يحل له الانتفاع به بعد ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يحل له الانتفاع قبل التقدم وبعده وكذلك هذا الحكم في غرس الأشجار وبناء الدكاكين والجلوس للبيع والشراء على قارعة الطريق (وجه) قولهما ما ذكرنا أن حرمة التصرف في حق الغير ليس لعينه بل للتحرز عن الضرر ولا ضرار بالمارة فاستوى فيه حال ما قبل التقدم وبعده ولأبي حنيفة رحمه الله ان اشراع الجناح والميزاب إلى طريق العامة تصرف في حقهم لان هواء البقعة في حكم البقعة والبقعة حقهم فكذا هواؤها فكان الانتفاع بذلك تصرفا في حق الغير وقد مر ان التصرف في حق الغير بغير اذنه حرام سواء أضربه أولا الا أنه حل له الانتفاع بذلك قبل التقدم لوجود الاذن منهم دلالة وهي ترك التقدم بالنقض والتصرف في حق الانسان باذنه مباح فإذا وقعت المطالبة بصريح النقض بطلت الدلالة فبقي الانتفاع بالمبنى تصرفا في حق مشترك بين الكل من غير اذنهم ورضاهم فلا يحل هذا إذا كانت السكة نافذة فاما إذا كانت غير نافذة فإن كان له حق في التقديم فليس لأهل السكة حق المنع لتصرفه في حق نفسه وان لم
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283