بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٧٠
يدينه فكانت المعصية معصية مسقطة للعدالة والأصل في هذا الفصل أن من ارتكب جريمة فإن كانت من الكبائر سقطت عدالته الا أن يتوب فإن لم تكن من الكبائر فان أصر عليها واعتاد ذلك فكذلك لان الصغيرة بالاصرار عليها تصير كبيرة قال عليه الصلاة والسلام لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار وان لم يصر عليها لا تسقط عدالته إذا غلبت حسناته سيئاته وأما بيان صفة العدالة المشروطة فقد اختلف أصحابنا رحمهم الله قال أبو حنيفة رضي الله عنه الشرط هو العدالة الظاهرة فاما العدالة الحقيقية وهي الثابتة بالسؤال عن حال الشهود بالتعديل والتزكية فليست بشرط وقال أبو يوسف ومحمد رحمه الله انها شرط ولقب المسألة ان القضاء بظاهر العدالة جائز عنده وعندهما لا يجوز وجملة الكلام فيه أنه لا خلاف في أنه إذا طعن الخصم في الشاهد انه لا يكتفي بظاهر العدالة بل يسأل القاضي عن حال الشهود وكذا لا خلاف فيه أنه يسأل عن حالهم في الحدود والقصاص ولا يكتفى بالعدالة الظاهرة سواء طعن الخصم فيهم أو لم يطعن واختلفوا فيما سوى الحدود والقصاص إذا لم يطعن الخصم قال أبو حنيفة رحمه الله لا يسأل وقالا يسأل عن مشايخنا من قال هذا الاختلاف اختلاف زمان لا اختلاف حقيقة لان زمن أبي حنيفة رحمه الله كان من أهل خير وصلاح لأنه زمن التابعين وقد شهد لهم النبي عليه الصلاة والسلام بالخيرية بقوله خير القرون قرني الذي أنا فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب الحديث فكان الغالب في أهل زمانه الصلاح والسداد فوقعت الغنية عن السؤال عن حالهم في السر ثم تغير الزمان وظهر الفساد في قرنهما فوقعت الحاجة إلى السؤال عن العدالة فكان اختلاف جوابهم لاختلاف الزمان فلا يكون اختلافا حقيقة ومنهم من حقق الخلاف (وجه) قولهما ان العدالة الظاهرة تصلح للدفع لا للاثبات لثبوتها باستصحاب الحال دون الدليل والحاجة ههنا إلى الاثبات وهو ايجاب القضاء والظاهر لا يصلح حجة له فلا بد من إثبات العدالة بدليلها ولأبي حنيفة ظاهر قوله عز وجل وكذلك جعلنا كم أمة وسطا أي عدلا وصف الله سبحانه وتعالى مؤمني هذه الأمة بالوساطة وهي العدالة وقال سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه عدول بعضهم على بعض فصارت العدالة أصلا في المؤمنين وزوالها بعارض ولان العدالة الحقيقية مما لا يمكن الوصول إليها فتعلق الحكم بالظاهر وقد ظهرت عدالتهم قبل السؤال عن حالهم فيجب الاكتفاء به الا أن يطعن الخصم لأنه إذا طعن الخصم وهو صادق في الطعن فيقع التعارض بين الظاهرين فلابد من الترجيح بالسؤال والسؤال في الحدود والقصاص طريق لدرئها والحدود يحتال فيها للدرء ولو طعن المشهود عليه في حرية الشاهدين وقال إنهما رقيقان ولا قالا نحن حران فالقول قوله حتى تقوم لهما البينة على حريتهما لان الأصل في بني آدم وإن كان هو الحرية لكونهم أولا آدم وحواء عليما الصلاة والسلام وهما حران لكن الثابت بحكم استصحاب الحال لا يصلح للالزام على الخصم ولابد من اثباتها بالدلائل والأصل فيه أن الناس كلهم أحرارا الا في أربعة الشهادات والحدود والقصاص والعقل هذا إذا كانا مجهولي النسب لم تعرف حريتهما ولم تكن ظاهرة مشهورة بأن كانا من الهند أو الترك أو غيرهم ممن لا تعرف حريته أو كانا عربيين فاما إذا لم يكونا ممن يجرى عليه الرق فالقول قولهما ولا يثبت رقهما الا بالبينة وأما بيان ان العدالة شرط قبول أصل الشهادة وجود أم شرط القول مطلقا وجوبا ووجودا فقد اختلف فيه قال أصحابنا رحمهم الله انها شرط القبول للشهادة وجود على الاطلاق ووجوبا لاشرط أصل القبول حتى يثبت القبول بدونه وقال الشافعي عليه الرحمة انها شرط أصل القبول لا يثبت القبول أصلا دونها حتى أن القاضي لو تحرى الصدق في شهادة الفاسق يجوز له قبول شهادته ولا يجوز القبول من غير تحر بالاجماع وكذا لا يجب عليه القبول بالاجماع وله أن يقبل شهادة العدل من غير تحر وإذا شهد يجب علية القبول وهذا هو الفصل بين شهادة العدل وبين شهادة الفاسق عندنا وعند الشافعي عليه الرحمة لا يجوز للقاضي أن يقضى بشهادة الفاسق أصلا وكذا ينعقد النكاح بشهادة الفاسقين عندنا وعنده لا ينعقد (وجه) قول الشافعي رحمه الله أن مبنى قبول الشهادات على الصدق لا يظهر الصدق الا بالعدالة لان خبر من ليس بمعصوم عن الكذب يحتمل الصدق
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283