المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٩
بسم الله الرحمن الرحيم (كتاب اللقيط) (قال) الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رضي الله عنه اللقيط لغة اسم لشئ موجود فعيل بمعنى مفعول كالقتيل والجريح بمعنى المقتول والمجروح وفي الشريعة اسم لحى مولود طرحه أهله خوفا من العيلة أو فرارا من تهمة الريبة مضيعه آثم ومحرزه غانم لما في احرازه من احياء النفس فإنه على شرف الهلاك واحياء الحي بدفع سبب الهلاك عنه قال تعالى ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولهذا كان رفعه أفضل من تركه لما في تركه من ترك الترحم على الصغار قال صلى الله عليه وسلم من لم يرحم صغيرا ولم يوقر كبيرا فليس منا وفى رفعه إظهار الشفقة وهو أفضل الأعمال بعد الايمان على ما قيل أفضل الأعمال بعد الايمان بالله التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله وقد دل على ما قلنا الحديث الذي بدأ به الكتاب ورواه عن الحسن البصري أن رجلا التقط لقيطا فأتى به عليا رضى الله تعالى عنه فقال هو حر ولان أكون وليت من أمره مثل الذي وليت منه أحب إلى من كذا وكذا فقد استحب على رضى الله تعالى عنه مع جلالة قدره أن يكون هو الملتقط له فدل على أن رفعه أفضل من تركه (فان قيل) ما معنى هذا الكلام وكان متمكنا من أخذه بولاية الإمامة (قلنا) نعم ولكن احياؤه كان في التقاطه حين كان على شرف الهلاك ولا يحصل ذلك بالأخذ منه بعد ما ظهر له حافظ ومتعهد فلهذا استحب ذلك مع أنه لا ينبغي للامام أن يأخذه من الملتقط الا بسبب يوجب ذلك لان يده سبقت إليه فهو أحق به باعتبار يده وفى هذا الحديث دليل على أن اللقيط حر وهو المذهب أنه حر مسلم اما باعتبار الدار لان الدار دار حرية واسلام فمن كان فيها فهو حر مسلم باعتبار الظاهر أو باعتبار الغلبة لان الغالب فيمن يسكن دار الاسلام الأحرار المسلمون والحكم للغالب أو باعتبار الأصل فالناس أولاد آدم وحواء عليهما السلام وكانا حرين
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست