المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢١٢
أنه يلتزم حفظه ونفقته بهذا الاقرار وهذا الالتزام تصرف منه على نفسه وله هذه الولاية ثم التناقض لا يمنع ثبوت النسب بالدعوة كالملاعن إذا أكذب نفسه وهذا لان سببه خفي فربما اشتبه عليه الامر في الابتداء فظن أنه لقيط ثم تبين له أنه ولده وان ادعاه غير الملتقط في القياس لا يثبت نسبه منه وهذا قياس آخر سوى الأول لأنه يقصد بهذه الدعوة أن يأخذه من الملتقط وحق الحفظ قد ثبت للملتقط على وجه ليس لغيره أن يأخذه منه فلا يقبل مجرد دعواه في ابطال الحق الثابت له وجه الاستحسان أن اللقيط محتاج إلى النسب فهو في دعوة النسب يقر له بما ينفعه ويلتزم حقا له فكان دعواه كدعوى الملتقط لنسبه ثم يترجح هو على الملتقط في الحفظ حكما لثبوت نسبه ومثل هذا يجوز أن يثبت حكما وإن لم يتمكن من اثباته قصدا كما أن النسب والميراث يثبت بشهادة القابلة على الولادة حكما وإن كان لا يثبت المال بشهادتها قصدا يوضحه أنه إذا قصد أخذ اللقيط من يده فإنما منازعته في عين ما باشره الأول فيترجح الأول بالسبق وأما إذا ادعى نسبه فمنازعته ليست في شئ باشره الملتقط فصحت دعوته لمصادفتها محلها ولا منازع له في ذلك ثم من ضرورة ثبوت النسب أن يكون هو أحق بحفظ ولده من أجنبي وإذا أبي الملتقط ان ينفق على اللقيط وسأل القاضي ان يقبله منه فللقاضي أن لا يصدقه في ذلك ما لم يقم البينة على أنه لقيط لأنه متهم فيما يقول فلعله ولده أو بعض من تلزمه نفقته واحتال بهذه الحيلة ليسقط نفقته عن نفسه فلهذا لا يصدقه ما لم يقم البينة فإذا أقام البينة انه لقيط قبل منه البينة من غير خصم حاضر إما لأنها تقوم لكشف الحال والبينة لكشف الحال مسموعة من غير خصم أو لأنها غير ملزمة واشتراط حضور الخصم لمعني الالزام ثم القاضي مخير ان شاء قبضه منه وإن شاء لم يقبض ولكن يوليه ما تولى فيقول له قد التزمت حفظه فأنت وما التزمت وليس لك ان تلزمني ما التزمته والأولى أن يقبضه إذا علم بعجزه عن حفظه والانفاق عليه لان في تركه في يده تعريضه للهلاك ولان الاخذ الآن من باب النظر والقاضي منصوب لذلك فان أخذه ووضعه في يد رجل وأمره بأن ينفق عليه على أن يكون ذلك دينا على اللقيط ثم إن الذي التقطه سأل القاضي ان يرده عليه فهو بالخيار ان شاء رده عليه وان شاء لم يرد لأنه أسقط ما كان له من حق الاختصاص فحاله بعد ذلك كحال غيره من الناس في طلب الرد رجل التقط لقيطا فجاء رجل آخر فانتزعه منه فاختصما فيه فإنه يدفع إلى الأول لان يده سبقت إليه فكان هو أحق بحفظه
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست