المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٨٥
حكمه كحكم المجتهد في جميع ما بينا وكذلك لو حكمنا ففيها فحكمه كفتواه لان سببه تراضيهما لا ولاية ثابتة له حكما فكان تراضيهما على تحكيمه كسؤالهما إياه والفتوى لا تعارض قضاء القاضي فإذا قضى القاضي عليه بخلاف ذلك كان عليه ان يتبع رأى القاضي الا ترى ان للقاضي ان يقضى بخلاف حكم الحكم في المجتهدات وليس له ان يقضي بخلاف ما قضى به غيره في المجتهدات ولو قضى به لم ينفذ قضاؤه فهذا معنى قولنا حكم الحكم في حقهما كفتواه وعلى هذا لو شهد عدلان عند جارية ان مولاها أعتقها أو أقر أنه أعتقها لم يسعها أن تدعه يجامعها إن قضى القاضي به أولم يقض لان حجة حرمتها عليه تمت عندها فهو والطلاق سواء ولا يسعها أن تتزوج إذا كان المولى يجحد العتق وكذلك إذا شهدا بعتق العبد والمولى يجحد لم يسع العبد ان يتزوج بشهادتهما حتى يقضي له القاضي بالعتق لأنهما مملوكان له في الحكم فلو تزوجا بغير إذنه كانا مرتكبين للحرام عند القاضي وعند الناس والتحرز عن ارتكاب الحرام فرض والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب (كتاب التحري) (قال) رضي الله عنه اعلم بان التحري لغة هو الطلب والابتغاء كقول القائل لغيره أتحرى مسرتك أي اطلب مرضاتك قال تعالى فأولئك تحروا رشدا وهو والتوخي سواء الا ان لفظ التوخي يستعمل في المعاملات والتحري في العبادات قال صلى الله عليه وسلم للرجلين الذين اختصما في المواريث إليه اذهبا وتوخيا واستهما وليحلل كل واحد منكما صاحبه وقال صلى الله عليه وسلم في العبادات إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب وفى الشريعة عبارة عن طلب الشئ بغالب الرأي عند تعذر الوقوف على حقيقته وقد منع بعض الناس العمل بالتحري لأنه نوع ظن والظن لا يغني من الحق شيئا ولا ينتفي الشك به من كل وجه ومع الشك لا يجوز العمل ولكنا نقول التحري غير الشك والظن فالشك أن يستوى طرف العلم بالشئ والجهل به والظن أن يترجح أحدهما بغير دليل والتحري أن يترجح أحدهما بغالب الرأي وهو دليل يتوصل به إلى طرف العلم وان كأن لا يتوصل به إلى ما يوجب حقيقة العلم ولأجله سمى تحريا فالحر اسم لجبل على طرف المفاوز والدليل على ما قلنا الكتاب
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست