المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٨١
عائشة رضي الله عنها بقولها أيضا حين تناول منها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب (باب الرجل يرى الرجل يقتل أباه أو يره) (وقال) وإذا رأى الرجل رجلا يقتل أباه متعمدا فأنكر القاتل أن يكون قتله أو قال لابنه فيما بينه وبينه أن قتلته لأنه قتل وليي فلانا عمدا أو لأنه ارتد عن الاسلام ولا يعلم الابن مما قال القاتل شيئا ولا وارث للمقتول غيره فالابن في سعة من قتل القاتل لأنه تيقن بالسبب الموجب لحل دمه للقاتل فكان له أن يقتص منه معتمدا على قوله تعالى فقد جعلنا لوليه سلطانا وعلى قوله صلى الله عليه وسلم العمد قود وحاصل المسألة على أربعة أوجه أحدها إذا عاين قتله والثاني إذا أقر عنده أنه قتله فهذا ومعاينة القتل سواء لان الاقرار موجب بنفسه حتى لا يملك المقر الرجوع عن اقراره فهذا ومعاينة السبب سواء والثالث أن يقيم البينة بأنه قتل أباه فيقضى له القاضي بالقود فهو في سعة من قتله لان قضاء القاضي ملزم فيثبت به السبب المطلق لاستيفاء القود له والرابع أن يشهد عنده شاهدا عدل أن هذا الرجل قتل أباه فليس له أن يقتله بشهادة لان الشهادة لا توجب الحق ما لم يتصل بها قضاء القاضي فلا يتقرر عنده السبب المطلق لاستيفاء القود بمجرد الشهادة ما لم ينضم إليه القضاء والذي بينا في الابن كذلك في غيره إذا عاين القتل أو سمع اقرار القاتل به أو عاين قضاء القاضي به كان في سعة من أن يعين الابن على قتله لأنه يعينه على استيفاء حقه وذلك من باب البر والتقوى ولو شهد عنده بذلك شاهدان لم يسعه ان يعينه على قتله بشهادتهما حتى يقضي القاضي له بذلك وان أقام القاتل عند الابن شاهدين عدلين ان أباه كان قتل أبا هذا الرجل عمدا فقتله به لم ينبغ للابن ان يجعل بقتله حتى ينظر فيما شهدا به لأنهما لو شهدا بذلك عند القاضي حكم ببطلان حقه فكذلك إذا شهدا عنده وكذلك لا ينبغي لغيره ان يعينه على ذلك إذا شهد عنده عدلان لما قلنا أو بأنه كان مرتدا حتى يتثبت فيه وهذا لان القتل إذا وقع فيه الغلط لا يمكن تداركه فيتثبت فيه حتى يكون إقدامه عليه عن بصيرة وان شهد بذلك عنده محدودان في قذف أو عبدان أو نسوة عدول لا رجل معهن أو فاسقان فهو في سعة من قتله لأنهما لو شهدا بذلك عند القاضي لم يمنعه من قتله بل يعينه على ذلك فكذلك إذا شهدوا عنده وان تثبت فيه فهو خير له لأنه أقرب إلى الاحتياط فان القتل لا يمكن تداركه إذا وقع فيه الغلط وفرق بين القصاص وحد القذف فقال القاذف
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست