المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٤٥
بسم الله الرحمن الرحيم (كتاب الاستحسان) (قال) الشيخ الامام الاجل الزاهد الأستاذ شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي كان شيخنا الامام يقول الاستحسان ترك القياس والاخذ بما هو أوفق للناس وقيل الاستحسان طلب السهولة في الاحكام فيما يبتلى فيه الخاص والعام وقيل الاخذ بالسعة وابتغاء الدعة وقيل الاخذ بالسماحة وابتغاء ما فيه الراحة وحاصل هذه العبارات أنه ترك العسر لليسر وهو أصل في الدين قال الله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال صلى الله عليه وسلم خير دينكم اليسر وقال لعلى ومعاذ رضى الله تعالى عنهما حين وجههما إلى اليمن يسرا ولا تعسرا قربا ولا تنفرا وقال صلى الله عليه وسلم إلا أن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق؟ ولا تبغضوا عبادة الله فان المنبت؟ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى القياس والاستحسان في الحقيقة قياسان أحدهما جلى ضعيف أثره فسمى قياسا والآخر خفي قوى اثره فسمى استحسانا أي قياسا مستحسنا فالترجيح بالأثر لا بالخفاء والظهور كالدنيا مع العقبى فان الدنيا ظاهرة والعقبى باطنة وترجحت بالصفاء والخلود وقد يقوى أثر القياس في بعض الفصول فيؤخذ به وهو نظير الاستدلال مع الطرد فإنه صحيح والاستدلال بالمؤثر أقوي منه والأصل فيه قوله تعالى فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه والقرآن كله حسن ثم أمر باتباع الأحسن وبيان هذا ان المرأة من قرنها إلى قدمها عورة هو القياس الظاهر واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المرأة عورة مستورة ثم أبيح النظر إلي بعض المواضع منها للحاجة والضرورة فكان ذلك استحسانا لكونه أرفق بالناس كما قلنا والكرخي رحمه الله تعالى في كتابه ذكر مسائل هذا الكتاب وسماه كتاب الحظر والإباحة لما فيه من بيان ما يحل ويحرم من المس والنظر ولو سماه كتاب الزهد والورع كان مستقيما لان بين فيه غض البصر وما يحل ويحرم من المس والنظر وهذا
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست