المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٤٩
رضي الله عنه ما نظر إلى عورته قط ولامسها بيمينه فإذا كان هذا في عورة نفسه فما ظنك في عورة الغير وكان ابن عمر رضى الله تعالى عنهما يقول الأولى أن ينظر ليكون أبلغ في تحصيل معني اللذة فاما نظره إلى ذوات محارمه فنقول يباح له أن ينظر إلى موضع الزينة الظاهرة والباطنة لقوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن الآية ولم يرد به عين الزينة فإنها تباع في الأسواق ويراها الأجانب ولكن المراد منه موضع الزينة وهي الرأس والشعر والعنق والصدر والعضد والساعد والكف والساق والرجل والوجه فالرأس موضع التاج والا كليل والشعر موضع القصاص والعنق موضع القلادة والصدر كذلك فالقلادة والوشاح قد ينتهي إلى الصدر والاذن موضع القرط والعضد موضع الدملوج والساعد موضع السوار والكف موضع الخاتم والخضاب والساق موضع الخلخال والقدم موضع الخضاب وجاء في الحديث ان الحسن والحسين رضي الله عنهما دخلا على أم كلثوم وهي تمتشط فلم تستتر ولان المحارم يدخل بعضهم على بعض من غير استئذان ولا حشمة والمرأة في بيتها تكون في ثياب مهنتها عادة ولا تكون مستترة فلو أمرها بالتستر من ذوي محارمها أدى إلى الحرج وكما يباح النظر إلى هذه المواضع يباح المس لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل فاطمة رضي الله عنها ويقول أجد منها ريح الجنة وكان إذا قدم من سفر بدأ بها فعانقها وقبل رأسها وقبل أبو بكر رأس عائشة رضي الله عنهما وقال صلى الله عليه وسلم من قبل رجل أمه فكأنما قبل عتبة الجنة وقال محمد بن المنكدر رحمه الله بت أغمز رجل أمي وبات أخي أبو بكر يصلى وما أحب أن تكون ليلتي بليلته ولكن إنما يباح المس والنظر إذا كان يأمن الشهوة على نفسه وعليها فأما إذا كان يخاف الشهوة على نفسه أو عليها فلا يحل له ذلك لما بينا ان النظر عن شهوة والمس عن شهوة نوع زنا وحرمة الزنا بذوات المحارم أغلظ وكما لا يحل له ان يعرض نفسه للحرام لا يحل له ان يعرضها للحرام فإذا كان يخاف عليها فليجتنب ذلك ولا يحل له أن ينظر إلى ظهرها وبطنها ولا ان يمس ذلك منها وقال الشافعي رحمه الله في القديم لا بأس بذلك وجعل حالهما كحال الجنس في النظر وهذا ليس بصحيح فان حكم الظهار ثابت بالنص وصورته أن يقول الرجل لامرأته أنت على كظهر أمي وهو منكر من القول لما فيه من تشبيه المحللة بالمحرمة فلو كان النظر إلى ظهر الأم حلالا له لكان هذا تشبيه محللة بمحللة وإذا ثبت هذا في الظهر يثبت في البطن لأنه أقرب إلى المأتي وإلى أن يكون مشتهى منها والجنبان كذلك
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست