المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٤٠
قتلهم فبعد التمكن من ذلك لا يجوز تركه للخوف على الأسير المسلم ولان أسيرهم صار من أهل دارنا بمنزلة الذمي فكما لا يجوز إعادة الذمي إليهم بطريق المفاداة بأسير المسلمين فكذلك بأسيرهم ويستوى ان طلب مفاداة أسير بأسير أو أسيرين بأسير منهم لأن الظاهر أنهم إنما يطلبون ذلك لقوة قتال ذلك الأسير وفى المفاداة تقويتهم على قتال المسلمين وقد بينا أن ذلك ممتنع شرعا ثم قال أبو يوسف رحمه الله تعالى تجوز المفاداة بالأسير قبل القسمة ولا يجوز بعد القسمة لان قبل القسمة لم يتقرر كونه من أهل دارنا حتى كان للامام أن يقتله وقد تقرر ذلك بعد القسمة حتى ليس للامام أن يقتله فكان بمنزلة الذي بعد القسمة وجعل قوله حتى تضع الحرب أوزارها كناية عن القسمة لان تحققه يكون عند ذلك ومحمد رحمه الله تعالى يجوز المفاداة بالأسير بعد القسمة لان المعني الذي لأجله جوزنا ذلك قبل القسمة الحاجة إلي تخليص المسلم من عذابهم وهذا موجود بعد القسمة وحقهم في الاسترقاق ثابت قبل القسمة وقد صار بذلك من أهل دارنا ثم تجوز المفاداة به لهذه الحاجة فكذلك بعد القسمة وقال لو انفلتت إليهم دابة مسلم فأخذوها في دارهم ثم ظهر المسلمون عليها أخذها صاحبها قبل القسمة بغير شئ وبعد القسمة بالقيمة لأنه لا يد للدابة في نفسها فتحقق احراز المشركين إياها بالأخذ في دارهم بخلاف الآبق على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقد بيناه وان خرج رجل من المشركين بمال أصابه من المسلمين ليبيعه في دار الاسلام فلا سبيل المالك القديم عليه كما لو أسلم أو صار ذميا لأنا أعطيناه الأمان فيما معه من المال وفى أخذ ذلك منه ترك الوفاء بالأمان الا في العبد الآبق فان أبا حنيفة رحمه الله تعالى قال يأخذه مولاه حيث ما وجده بغير شئ لأنهم لم يملكوه وإنما أعطيناه الأمان فيما هو مملوك له وإذا أسر المشركون جارية لمسلم فأحرزوها ثم اشتراها منهم مسلم فعميت عندهم لم يكن لمولاها أن يأخذها الا بجميع الثمن في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيما أعلم لان الثمن يعطيه المالك القديم فداء وليس ببدل والفداء بمقابلة الأصل دون الوصف ألا ترى أن العبد الجاني إذا عمى عند مولاه واختار الفداء لزمه الفداء بجميع الدية ولان المولى إذا اختار الاخذ بالثمن يصير المشتري كالمأمور من جهته بالشراء له ولو كان أمره بذلك فعميت عنده لم يسقط عنه شئ من الثمن فهذا مثله وكذلك لو قطعت يدها فأخذ المشترى أرشها فان مولاها يأخذها دون الأرش بجميع الثمن لان الأرش دراهم ودنانير
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست