المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٧٤
ببيعه أو وهبه له أو اشتراه منه لان اقراره بالملك للغير حجة في حق المقر شرعا فهذا في حق السامع بمنزلة ما لو علم ملك الغير بأن عاينه في يده فإن كان المخبر ثقة صدقه فيما أخبر به من سبب الولاية له في بيعه وكذلك أن كان غير ثقة وأكبر راية انه صادق فيه صدقه أيضا وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب لم يقبل ذلك منه ولم يشتره وان كأن لم يخبره ان ذلك الشئ لغيره فلا بأس بشرائه منه وقبوله هبته وإن كان غير ثقة لان دليل الملك شرعا ثابت له وهو اليد والفاسق والعدل في هذا الدليل سواء حتى إذا نازعه غيره فالقول قوله ويحل لمن رآه في يده ان يشهد له بالملك والمصير إلى أكبر الرأي عند انعدام دليل ظاهر كما لا يصار إلى القياس عند وجود النص (قال) إلا أن يكون مثله لا يتملك مثل ذلك العين فأحب ان يتنزه عنه ولا يتعرض له بالشراء أو غيره وذلك كدرة يراها في يد فقير لا يملك شيئا أو رأى كتابا في يد جاهل ولم يكن في آبائه من هو أهل لذلك فالذي سبق إلى قلب كل أحد أنه سارق لذلك العين فكان التنزه عن شرائه منه أفضل وان اشترى أو قبل وهو لا يعلم أنه لغيره رجوت أن يكون في سعة من ذلك لأنه يزعم أنه مالك والقول قوله شرعا فالمشتري منه يعتمد دليلا شرعيا وذلك واسع له إلا أنه مع هذا لم يبت الجواب وعلقه بالرجاء لما ظهر من عمل الناس ولما سبق إلى وهم كل أحد أن مثله لا يكون مالكا لهذه العين فإن كان الذي أتاه به عبد أو أمة لم ينبغ له أن يشترى ولا يقبله حتى يسأله عن ذلك لان المنافى للملك وهو الرق معلوم فيه فما لم يعلم دليلا مطلقا للتصرف في حق من رآه في يده لا يحل له الشراء منه لأنه عالم أنه لغيره واليد في حق المملوك ليس بمطلق للتصرف وان الرق مانع له من التصرف ما لم يوجد الاذن فان سأله فأخبره أن مولاه قد أذن له فيه وهو ثقة مأمون فلا بأس بشرائه منه وقبوله لأنه أخبر بخبر مستقيم صالح وهو محتمل في نفسه فيعتمد خبره إذا كان ثقة وإن كان غيره ثقة فهو على ما يقع في قلبه فإن كان أكبر رأيه أنه صادق فيما قال صدقه بقوله وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب لم يعرض لشئ من ذلك وكذلك أن كأن لا رأي له فيما قال لان الحاجز له عن التصرف ظاهر فلا يكون له أن يتصرف معه بمجرد خبره ما لم يترجح جانب الصدق فيه بنوع دليل ولم يوجد ذلك وكذلك الغلام الذي لم يبلغ حرا كان أو عبدا فيما يخبر أنه أذن له في بيعه أو ان فلانا بعث معه إليه هدية أو صدقة فإن كان أكبر رأيه أنه صادق وسعه ان يصدقه وهذا للعادة الظاهرة في بعث الهدايا على أيدي المماليك والصبيان وفى
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست