المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٦٩
من خارج المصر فإنه تقبل شهادته فقد ذكر بعد هذا أيضا أو جاء من مكان آخر وأخبر بذلك وهكذا ذكره الطحاوي رحمه الله تعالى في كتابه لان يتفق من الرؤية في الصحارى مالا يتفق في الأمصار لما فيها من كثرة الغبار وكذلك أن كان في المصر على موضع مرتفع فقد يتفق له من الرؤية مالا يتفق لمن هو دونه في الموقف رجل تزوج امرأة فجاء رجل مسلم ثقة أو امرأة فأخبر انهما ارتضعا من امرأة واحدة فأحب إلى التنزه عنها فيطلقها ويعطيها نصف الصداق إن لم يكن دخل بها والكلام في هذه المسألة في فصلين أحدهما في الحكم والآخر في التنزه اما في الحكم فالحرمة لا تثبت بشهادة امرأة واحدة على الرضاع عندنا ما لم يشهد به رجلان أو رجل وامرأتان وعند الشافعي يثبت بشهادة أربع نسوة كما هو مذهبه فيما لا يطلع عليه الرجال وزعم أن الرضاع لا يحل مطالعته للأجانب من الرجال ولكن نقول الارضاع يكون بالثدي وذلك مما يحل مطالعته لذي الرحم المحرم ثم قد يكون بالايجار وذلك مما يطلع عليه الأجانب ومالك كان يقول يكتفى بشهادة الواحد لاثبات الحرمة بالرضاع وذلك مروي عن عثمان رضي الله عنه واستدل فيه بحديث ابن أبي مليكة بن عقبة أن عقبة بن الحارث رضي الله تعالى عنهما تزوج بنت إهاب فجاءت امرأة سوداء فأخبرت أنها أرضعتهما جميعا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له صلى الله عليه وسلم كيف وقد قيل هذا القدر ذكره محمد رحمه الله تعالى وأهل الحديث يروون ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما فهو حجة مالك رحمه الله تعالى (وحجتنا) في ذلك حديث عكرمة بن خالد قال عمر رضي الله عنه لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين ولأن هذه شهادة تقوم لابطال الملك ولا تتم الحجة فيه الا بشاهدين كالعتق والطلاق فأما الحديث ففيه إشارة إلى التنزه بقوله كيف وقد قيل ولو ثبتت الحرمة بخبرها لما أشار إلى التنزه بهذا اللفظ والزيادة التي يرويها أهل الحديث لم تثبت عندنا والدليل على ضعفه ما روى عن عقبة بن الحارث رحمه الله تعالى أنه قال تزوجت بنت أبي إهاب فجاءت امرأة سوداء تستطعمنا فأبينا أن نطعمها فجاءت من الغد تشهد على الرضاع ومثل هذه الشهادة تكون عن ضغن فلا تتم الحجة بها فأما بيان وجه التنزه أن المخبر إذا كان ثقة فالذي يقع في قلوب السامعين أنه صادق فيه فصحبتها تريبه ومفارقتها لا تريبه ولو أمسكها ربما يطعن فيه أحد ويتهمه وقال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست