المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٦٥
ويستوي إن كان المخبر بالحرمة حرا أو مملوكا ذكرا أو أنثى لأنه أخبر بأمر ديني فان الحل والحرمة من باب الدين ولو كان في القوم رجلان مرضيان أخذ بقولهما لان الحجة في الاحكام تتم بخلاف المثنى فلا يعارض خبرهما خبر الواحد وإن كان فيهم ثقة واحد عمل فيه على أكبر رأيه لاستواء الخبرين عنده وإن لم يكن له فيه رأى واستوى الحالان عنده فلا بأس بأكل ذلك وشربه وكذلك الوضوء منه في جميع ذلك اما المصير إلى غالب الرأي فللمعارضة بين الخبرين لان عند المعارضة لا بد من ترجيح أحد الجانبين وغالب الرأي يصلح أن يكون دليلا للعمل في بعض المواضع فلان يصلح للترجيح أولي فإن لم يكن له رأى تمسك بأصل الطهارة (فان قيل) لا معارضة بين الخبرين لان أحدهما ينفي الحرمة والآخر يثبت ولا تعارض بين النفي والاثبات (قلنا) هذا في الشهادات فأما في الاخبار المعارضة تتحقق؟ بين النفي والاثبات لان كل واحد منهما بانفراده مقبول (فان قيل) لا كذلك في الشاهد إذا زكاه أحد المزكين وجرحه الآخر كان الجرح أولى لان الجرح مثبت والآخر ناف (قلنا) نعم ولكن في كل موضع يكون النافي معتمدا لدليل في خبره تتحقق المعارضة في ذلك بين النفي والاثبات وفي كل موضع لا يكون النافي معتمدا لدليل يترجح المثبت فهنا النافي معتمد لدليل لان طهارة الماء ونجاسته تعلم حقيقة وكذلك حل الطعام وحرمته فلهذا تحققت المعارضة والذي زكى الشاهد لا يعتمد دليلا في خبره لان نفي أسباب الجرح لا يعلم حقيقة فلهذا يرجح المثبت هناك على النافي فإن كان الذي أخبره بأنه حلال مملوكان ثقتان والذي زعم أنه حرام واحد حر فلا بأس بأكله لان في الخبر الديني المملوك والحر سواء ولا تتحقق المعارضة بين الواحد والمثني في الخبر لأنه يحصل منه طمأنينة القلب بخبر الاثنين مالا يحصل بخبر الواحد وإن كان الذي زعم أنه حرام مملوكا ثقتان والذي زعم أنه حلال حر واحد ثقة ينبغي له أن لا يأكله لما بينا أن خبر الواحد لا يكون معارضا لخبر الاثنين وكذلك لو أخبره بأحد الامرين عبد ثقة وبالآخر حر ثقة يعمل بأكبر رأيه فيه لان الحجة لا تتم من طريق الحكم بخبر حر واحد ومن حيث الدين خبر الحر والمملوك سواء فلتحقق المعارضة بين الخبرين يصير إلي الترجيح بأكبر الرأي وان أخبره بأحد الامرين مملوكان ثقتان وبالأمر الآخر حران ثقتان أخذ بقول الحرين لان الحجة تتم بقول الحرين ولا تتم بقول المملوكين فعند التعارض يترجح قول الحرين لان في قولهما زيادة إلزام فان الالزام بقول المملوكين ينبنى على الالزام
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست