المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٦٤
أن خبره عد خبرا لما نهاه عن ذلك وعمرو بن العاص بالسؤال قصد الاخذ بالاحتياط وقد كره عمر رضى الله تعالى عنه لوجود دليل الطهارة باعتبار الأصل فعرفنا أنه ما بقي هذا الدليل فلا حاجة إلى احتياط آخر وإن كان الذي أخبره بنجاسة الماء رجل من أهل الذمة لم يقبل قوله لا لان الكفر ينافي معنى الصدق في خبره ولكن لأنه ظهر منهم السعي في افساد دين الحق قال الله تعالى لا يألونكم خبالا أي لا يقصرون في افساد أمركم فكان متهما في هذا الخبر فلا يقبل منه كما لا تقبل شهادة الولد لوالده لمعنى التهمة يقول فان وقع في قلبه أنه صادق فأحب إلى أن يريق الماء ثم يتيمم وان توضأ به وصلى أجزأه وفى خبر الفاسق قال وإذا وقع في قلبه أنه صادق تيمم ولا يتوضأ به وهذا لان الفاسق أهل للشهادة ولهذا نفذ القضاء بشهادته فيتأيد ذلك بأكبر رأيه وليس الكافر من أهل الشهادة في حق المسلم يوضحه ان الكافر يلزم المسلم ابتداء بخبره ولا يلتزم ولا ولاية له على المسلم فاما الفاسق المسلم يلتزم وهو من أهل الولاية على المسلم (قال) وكذلك الصبي والمعتوه إذا عقلا ما يقولان من أصحابنا رحمهم الله تعالى من يقول مراده بهذا العطف ان الصبي كالبالغ إذا كان مرضيا ولأنه كان في الصحابة رضى الله تعالى عنهم من سمع في صغره ولو روى كان مقبولا منه وكما سقط اعتبار الحرية والذكورة يسقط اعتبار البلوغ كما في المعاملات والأصح ان مراده العطف على الذمي وان خبر الصبي والمعتوه في هذا كخبر الذمي لأنهما لا يلتزمان شيئا ولكن يلزمان الغير ابتداء فإنهما غير مخاطبين فليس لهما ولاية الالزام فكان خبرهما في معنى خبر الكافر رجل دخل على قوم من المسلمين يأكلون طعاما ويشربون شرابا فدعوه إليه فقال رجل مسلم ثقة قد عرفه هذا اللحم ذبيحة مجوسي وهذا الشراب قد خالطه الخمر وقال الذين دعواه إلى ذلك ليس الامر كما قال وهو حلال فإنه ينظر إلى حالهم فإن كانوا عدولا لا يلتفت إلى قول ذلك الواحد لان خبر الواحد لا يعارض خبر الجماعة فان خبر الجماعة حجة في الديانات والاحكام وخبر الواحد لبس بحجة في الاحكام ولان الظاهر من حال المسلمين أنهم لا يأكلون ذبيحة المجوسي ولا يشربون ما خالطه الخمر فخبر الواحد في معارضة خبرهم خبر مستنكر فلا يقبل وان كانوا متهمين أخذ بقوله ولم يسعه ان يقرب شيئا من ذلك لان خبره باعتبار حالهم مستقيم صالح ولا معتبر بخبرهم لفسقهم في حكم العمل به ولان خبر العدل بالحرمة يريبه في هذا الموضع باعتبار حالهم وقال صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى مالا يريبك
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست